قدمت الحكومة مشروع قانون رقم 71.24 لتغيير وتتميم مدونة التجارة، بهدف تحديث الإطار القانوني للمعاملات التجارية وتعزيز الثقة في وسائل الأداء، خصوصاً الشيك والكمبيالة. ويجمع المشروع بين مقاربة ردعية ومرنة تهدف إلى تخفيف الطابع الجنحي عن بعض الأفعال دون المساس بمصداقية المعاملات المالية.
ويقدم المشروع نظام المصالحة أو الصلح الجنائي في جميع مراحل الدعوى، بما في ذلك أثناء تنفيذ العقوبة، ما يتيح للمخالف تسوية وضعه عبر الأداء أو التنازل عن الشكاية، مؤدياً إلى عدم تحريك الدعوى أو إسقاطها. كما نص على إعفاء جنحي في حال ارتكاب الفعل بين الأزواج أو الأقارب من الدرجة الأولى، مراعاة للروابط الأسرية والاجتماعية.
كما يشترط المشروع على النيابة العامة إشعار الساحب بضرورة توفير المؤونة خلال 30 يوماً قبل تقديمه أمامها، مع إمكانية تمديد هذا الأجل بموافقة المستفيد، وهو ما يكرس منطق الإنذار قبل الزجر. أما في الجانب الزجري، فقد أتاح المشروع إمكانية إخضاع الساحب لتدابير المراقبة القضائية مثل السوار الإلكتروني كبديل عن الاعتقال، وخفض العقوبة الحبسية من سنة إلى سنتين، مع التمييز بين حالات الإهمال البسيط وحالات التزوير أو التزييف.
وبخصوص الكمبيالة، عزز المشروع الثقة فيها عبر تنظيم الكمبيالة المسحوبة على مؤسسة بنكية كبديل موثوق عن الكمبيالة العادية، مع تعزيز دور البنك في مراقبة العمليات منذ تسليم الدفاتر وحتى استرجاعها عند تسجيل العوارض، بما يضمن حقوق المستفيدين في مواجهة الإخلال بالأداء.
وأظهرت معطيات بنك المغرب أن عمليات الأداء بالشيكات بلغت سنة 2024 حوالي 30.1 مليون عملية بقيمة تقارب 1319 مليار درهم، بينما سجلت الكمبيالات 5.7 ملايين عملية بقيمة 5.75 مليار درهم، مع وجود 972 ألف عارض أداء للشيك وقرابة 700 ألف عارض أداء للكمبيالة بسبب انعدام أو عدم كفاية الرصيد.
ويهدف مشروع القانون إلى خمسة محاور رئيسية: استرجاع الثقة في الشيك كوسيلة أداء، تعزيز الأمن المالي والقانوني لتشجيع الاستثمار، تقليص الاعتماد على النقد وتوسيع الشفافية، ترشيد الاعتقال وتخفيف الضغط عن المحاكم عبر الصلح والتسوية المالية، وتحقيق التناسب بين الجريمة والعقوبة في إطار قانوني إنساني.