في لحظة فارقة من تاريخها، تدخل مدينة القنيطرة مرحلة جديدة تُرسم ملامحها بمشاريع كبرى واستثمارات ضخمة. تضعها في قلب الدينامية الوطنية المرتبطة بالتحضير لكأس العالم، المرتقب تنظيمه سنة 2030. مدينةٌ طالما اشتكى سكانها من التهميش، تجد نفسها اليوم على موعد مع تحول غير مسبوق، يرقى بها من خانة الانتظار إلى مسرح الفعل والإنجاز.
بميزانية تتجاوز 230 مليار سنتيم، تسير القنيطرة بخطى ثابتة نحو تحديث بنيتها التحتية، مستفيدة من برنامج وطني يهدف إلى تأهيل المدن التي ستلعب أدوارًا مباشرة أو غير مباشرة في احتضان فعاليات المونديال. من بين هذه المشاريع، يبرز قرار بناء ملعبين للتداريب بمواصفات دولية. ما يعزز موقع المدينة على خارطة الرياضة المغربية والعالمية.
وزارة الداخلية بدورها أظهرت تجاوبًا سريعًا، حيث حولت مبلغًا يناهز 20 مليار سنتيم لشركة التنمية المحلية. ما يترجم الانتقال من مرحلة الوعود إلى واقع التنفيذ. وتتوالى التحركات، من خلال إعلان مرتقب عن طلبات عروض تهم تأهيل مداخل القنيطرة وشوارعها الكبرى. في خطوة تروم إعادة الاعتبار لجمالية المدينة وجعلها تليق بحجمها الجغرافي والديمغرافي.
هذا الحراك يعكس انسجامًا وتنسيقًا عالِي المستوى بين مختلف الفاعلين. بقيادة عامل الإقليم، وبدعم من الأجهزة الأمنية، ما يتيح انطلاقة سلسة للمشاريع، ويعكس نضجًا إداريًا قلّ نظيره.
لكن في الجهة المقابلة، وبالرغم من أن المهدية جزء مهم من القنيطرة، إلا أن واقعها لا يزال بعيدًا عن هذا الزخم التنموي. المدينة الساحلية، التي تزخر بمؤهلات طبيعية وسياحية كبيرة، لم تلحق بعد بركب التحول الذي تعرفه حاضرة الإقليم. فهي تفتقر إلى رؤية استراتيجية واضحة، ولا مشاريع كبرى تلوح في الأفق، ما يطرح تساؤلات عديدة حول مدى إدماجها ضمن المخططات التنموية المستقبلية.
وفي الوقت الذي تولد فيه القنيطرة من جديد، عبر الإسمنت والطرقات والأمل. تبقى المهدية تنتظر قطار التنمية الذي لم يصل بعد. فهل تتحرك الجهات المعنية لإعادة التوازن داخل تراب الإقليم؟ أم أن المهدية ستظل مجرد ملحق هامشي لمدينة تعرف تحولًا تاريخيًا؟
