تحل ذكرى وفاة المغفور له الملك محمد الخامس كل سنة. لتُعيد إلى الأذهان مسيرة قائد عظيم كرس حياته للنضال من أجل حرية المغرب واستقلاله. فقد كان الملك الراحل رمزًا للوطنية والتضحية، واستطاع بحنكته السياسية وشجاعته، أن يقود المغرب نحو الاستقلال في 2 مارس 1956 بعد عقود من الاستعمار الفرنسي والإسباني.
نضاله من أجل الاستقلال
بدأ نضال الملك محمد الخامس ضد الاستعمار منذ توليه العرش عام 1927، حيث عمل جاهدًا على توحيد الصفوف وتعزيز الهوية الوطنية المغربية. ومع تصاعد المطالب الوطنية، اتخذ مواقف حازمة في مواجهة سلطات الحماية الفرنسية، خصوصًا خلال مؤتمر أنفا سنة 1943. الذي جمعه بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، حيث طالب حينها علنًا باستقلال المغرب.
بعدها سنة 1953، و عقابًا له على دعمه للحركة الوطنية، قامت سلطات الاستعمار الفرنسي بنفيه إلى جزيرة كورسيكا ثم إلى مدغشقر، مما أشعل فتيل المقاومة المسلحة بالمغرب. حيث توحد الشعب خلف الملك لمواجهة الاستعمار، و بعد ضغط متزايد من الحركات التحررية داخل البلاد وخارجها، اضطرت فرنسا إلى التفاوض مع الملك محمد الخامس و إعادته إلى وطنه في 16 نوفمبر 1955. ليعلن في خطاب تاريخي عن “بزوغ فجر الحرية والاستقلال”.
إنجازاته بعد الاستقلال
بعد استقلال المغرب، شرع الملك محمد الخامس في بناء دولة حديثة، حيث ركز على عدة محاور رئيسية:
تعزيز الوحدة الوطنية: عمل على توحيد المغرب وإعادة الأقاليم التي كانت تحت السيطرة الاستعمارية، مثل طرفاية (1958) وسيدي إفني (1969).
إصلاحات سياسية: وضع اللبنات الأولى للنظام السياسي الحديث في المغرب، حيث شهدت فترة حكمه إصدار أول دستور للمملكة عام 1962، والذي كرس النظام الملكي الدستوري.
تطوير التعليم: أدرك أهمية التعليم في بناء المغرب المستقل، فدعم تعريب المناهج التعليمية، وأطلق مشاريع لتوسيع شبكة المدارس والجامعات.
النهوض بالاقتصاد: سعى إلى تنمية الاقتصاد الوطني من خلال دعم الفلاحة والصناعة، وتشجيع الاستثمارات الوطنية.
إرثه ومكانته في قلوب المغاربة
توفي المغفور له محمد الخامس يوم 26 فبراير 1961، تاركًا وراءه إرثًا خالدًا من الوطنية والنضال. ويُعتبر اليوم رمزًا في التاريخ المغربي والعالمي، إذ لا يزال المغاربة يحتفظون بذكراه بكل فخر واعتزاز، مستحضرين مسيرته النضالية والتضحيات التي قدمها من أجل وطنه.
رحم الله الملك محمد الخامس، وأسكنه فسيح جناته.
