إعداد الخبير البيئي حميد رشيل عضو جمعية المنارات الإيكولوجية كم أجل التنمية والمناخ           

يُعدّ التلوث البلاستيكي أحد أكثر القضايا البيئية إلحاحًا في عصرنا الحالي، حيثُ تتراكم المواد البلاستيكية في البيئة مُسببةً أضرارًا جسيمة بالحياة البرية والنظم البيئية وصحة الإنسان.

وتجدر الإشارة إلى أن:

–  المنتظم الدولي خلد يوم 5 يونيو2023 اليوم العالمي للبيئة، وهذا اليوم صادف الذكرى الخمسين (1973). وتعد هذه المناسبة محطة عالمية للتوعية البيئية العامة، ولقد تم التركيز في تخليد هذه المناسبة تحت شعار: “دحر التلوث البلاستيكي”.

– المنتظم الدولي خلد يوم 22 أبريل 2024 اليوم العالمي للأرض وهذا اليوم لهذه السنة صادف الذكرى الرابعة والخمسون(1970). وتعد هذه المناسبة محطة عالمية لحملة توعوية لحماية كوكبنا الأرض، ولقد تم التركيز في تخليد هذه المناسبة خلال هذه السنة تحت شعار: “الكوكب مقابل البلاستيك”

هذا ما يؤكد بشكل جلي انشغال الدوائر الدولية في هذه الأيام الأخيرة بظاهرة تنامي النفايات البلاستيكية التي أصبحت تشكل أخطر تهديد للحياة على الأرض. بل هناك من أصبح يتحدث عن “تسونامي النفايات البلاستيكية” الذي زحف بشكل واسع على البر والبحر.

1 – على المستوى الوطني

2 – معنى البلاستيك

البلاستيك أو ما يعرف باللدائن مادة سهلة التشكل بأشكال مختلفة انطلاقا من البترول والغاز الطبيعي والفحم. هذه المادة تتكون أساسا من سلاسل كيميائية تدعى البوليميرات (عضوية أو صناعية أو شبه صناعية)، عناصرها الكيميائية الأساسية هي كل من الكربون والهيدروجين.

3 – معطيات تاريخية عن البلاستيك

إن البلاستيك  الذي توصل اليه الإنسان في ظل الثورة الصناعية منذ حوالي قرن من الزمن، أدى الى ظهور الصناعة البلاستيكية التي ازدهرت واعتبرت منتجاتها كحل بديل في عدة مجالات كالصناعة والفلاحة والسيارات والمباني والمعمار، لأنها تدخل في تركيب الأشياء و الأدوات المحيطة بنا ، بحيث أنه منذ أواسط القرن الماضي حتى سنة 2017 أنتج العالم أزيد من 9 مليار طن من البلاستيك وتضاعفت هذه الكمية بسبب الحاجة المتزايدة اليه في السنوات الأخيرة ، نظرا للتطورات التنموية الكبيرة التي عرفتها البشرية، بل الأكثر من ذلك أصبح البلاستيك الحاضر الذي لا يغيب في جل مناحي الحياة، في محلات التسوق وعلى المواد الغذائية وفوق موائد طعامنا، وان إحصائيات تتحدث عن اقتناء مليون قنينة بلاستيكية كل دقيقة.

4 – تحول البلاستيك إلى إشكالية

مع توالي الأيام تحول هذا البلاستيك إلى مشكلة وجودية، بحيث باتت البشرية تعيش عصر البلاستيك الذي يحاصر الكوكب الأزرق من كل الجهات. سيما وأن اتساع رقعة استعمال البلاستيك أدت إلى تزايد أحجام النفايات البلاستيكية، الى أن بلغ إنتاج العالم أزيد من 430 مليون طن من النفايات البلاستيكية في السنة، وفي حال أن ضل النسق على ما هو، فان كمية النفايات البلاستيكية ستصل إلى أزيد من مليار و100 مليون طن في أفق سنة 2050، واللافت للأمر هو أن:

لذا يتم طرح هذه الأحجام الكبيرة من النفايات البلاستيكية بالمطارح وفي البحار، والمحيطات، والأنهار، والبحيرات (من 19 إلى 23 مليون طن سنويا تصل الى البحار والمحيطات والأنهار والبحيرات) أي (ما يناهز 2200 مرة وزن برج إيفل) ، ولقد أصبح البلاستيك في أيامنا هذه  الملوث الأكبر للأرض بلا منازع

5 – الآثار السلبية للبلاستيك على البحار والمحيطات

يعد البلاستيك الملوث الأكبر للبيئة البحرية والأشد ضررا عليها، حيث يشكل %85   من النفايات البحرية. إن هذه الكميات الكبيرة من النفايات البلاستيكية التي تصل إلى البحار والمحيطات شكلت قارات بلاستيكية، أهمها الجزيرة البلاستيكية العائمة بالمحيط الهادي بين جزيرة هاواي وكاليفورنيا، مساحتها بلغت 3 أضعاف مساحة فرنسا وأحصي بها ما يناهز 1,8 مليار قطعة من البلاستيك العائم.

كما أن هذه النفايات تهدد حياة 800 نوع بحري وساحلي من خلال ابتلاعها والتشابك بها، بحيث أن هناك مجموعة من الصور الصادمة والتي تظهر مخلوقات بحرية ماتت مختنقة بشباك أو أكياس بلاستيكية، لا ننسى كذلك صور الطيور الميتة بالمناطق الساحلية بسبب ابتلاعها للسدادات البلاستيكية

6 – الآثار السلبية للبلاستيك على اليابسة

اليابسة بدورها كذلك كان لها نصيب من النفايات البلاستيكية التي على الرغم من أن جزء منها يصل إلى المطارح، لكن في غياب فرز وتدوير جيدين تتناثر وتنقل هذه النفايات البلاستيكية عبر الهواء لتلوث أتربة الضيعات الفلاحية والغابات المجاورة أو تستقر بالأنهار والوديان والبحيرات.

غالبا ما يتم اللجوء إلى حرق نفايات المطارح ومن بينها النفايات البلاستيكية، مما يتسبب في انبعاث غازات الاحتباس الحراري التي تزيد من شدة الاحترار وتزيد كذلك من تلوث الهواء بالمركبات الكيميائية التالية:

مما يزيد من عرضة صحة الإنسان لأخطار الأمراض التنفسية والأمراض الجلدية، والتسممات وأمراض الضغط والشرايين، وأمراض القلب والكبد والكلي وأمراض الجهاز العصبي والجهاز الهضمي.

كما أن عملية غسل المواد والأدوات البلاستيكية على مجمل المستويات تعمل على تحرير الألياف الدقيقة من الأكريليك والنايلون والألياف والبوليستر التي تصل الى مياه الصرف الصحي لتتسبب في خنق المجاري المائية ما ينتج عنه مشاكل كبيرة لتصريفها، هذا ما يدفع بالمجالس الجماعية الى الإسراع لتنقية قنوات الصرف الصحي عند اقتراب الفترات المطرة من السنة لتجنب المشاكل التي قد تنتج عن اختناقها. وعلى الرغم من ذلك فان مياه الصرف الصحي تعد عاملا هاما في نقل وتوزيع الجزيئات البلاستيكية (80% الى 90% ) لتوصلها الى المجاري المائية السطحية والفرشات المائية ، والتي تستغل مياهها للري والشرب مما سينقل هذه الجزيئات الى كل من التربة وأجسام الآدميين.

في المجال الفلاحي أصبح البلاستيك مستعمل في مستويات متعددة وخير مثال على ذلك البيوت البلاستيكية والأشرطة البلاستيكية التي تفرش لمجموعة من المزروعات والقنوات البلاستيكية المستعملة لري هذه المنتجات والأكياس والعبوات والبراميل التي تحتوي على مواد كيميائية كالمبيدات والأسمدة والأعلاف. كل هذا يظهر حجم النفايات البلاستيكية الذي يساهم به المجال الفلاحي.

فمثلا وحسب معطيات رسمية فان حجم النفايات البلاستيكية المخلفة بجهة سوس ماسة بلغ 30 ألف طن سنويا، والذي ارتفع إلى 55 ألف طن في السنوات الأخيرة ( ما يشكل 52% من النفايات البلاستيكية الفلاحية بالمغرب)

7 – خطورة البلاستيك

إن خطورة النفايات البلاستيكية تتمثل في:

بفضل تفاقمها أصبحت النفايات البلاستيكية تشكل قاتلا صامتا احتل الأتربة والأنهار والوديان والبحيرات والبحار والمحيطات، وفتك بمحتواها الإحيائي، بل الأكثر من ذلك طارد كل أثر الحياة فيها. مما سيهدد التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية لمختلف هذه الأوساط البيئية.

8 – مواجهة إشكالية البلاستيك

في بداية شهر يونيو2023 انعقد بمقر اليونسكو بباريس مؤتمرا من أجل الدفع في اتجاه اتفاقية ملزمة قانونا لإنهاء هذا التلوث البلاستيكي.

إن دراسات لخبراء الأمم المتحدة خلصت إلى انه بإمكان العالم أن يقلل نسبة %80 من النفايات البلاستيكية بحلول سنة 2040 شريطة:

أمثلة في تدوير النفايات البلاستيكية:

إن هذه النتائج المخبرية تحتاج الى حيز زمني مهم حتى يتمكن النزول بها إلى أرض الواقع، لذا فان الحل الأمثل لمواجهة هذه الطامة هو:

المراجع

اترك تعليقاً