ففي زمنٍ تُقاس فيه دقّة المعرفة بعدد الإشعارات…
نعرف درجة الحرارة في مدن لم نزُرها قط،
نتابع تقلبات الأسواق كأننا جزءٌ من اللعبة،
نتنقل بين تطبيقٍ وآخر، كمن يهرب من فكرة لم يواجهها بعد.
لكن،
هل خطر لك أن تسأل: كيف حال الطقس داخلي؟
كيف هو قلبي اليوم؟
هل ذهني في حالة صفاء، أم في خضم عاصفة صامتة؟
نعيش عصرًا يحترف البقاء…
نتقن النجاة، لا الحياة.
نُجيد الردود السريعة على سؤال “كيف حالك؟”
لكننا نادرًا ما نجرؤ على إعادة توجيه السؤال إلى الداخل، بصيغة:
“كيف أنا فعلًا؟”
الإنسان الحديث لا يعاني من قلة المعلومات، بل من وفرة الإنكار.
علم النفس لا يربط “الجنون” بما هو مرضي فقط، بل بما لا يُقال، بما يُكبت، بما نُغلفه بعبارة: “أنا تمام”.
وحين يغيب الاعتراف، يصبح العالم أكثر ضجيجًا، والنفوس أكثر هشاشة.
سقراط قالها منذ قرون: “الحياة غير المفحوصة لا تستحق أن تُعاش”.
واليوم، ربما نحتاج أن نعيد طرح هذه الفلسفة، لا في محافل النخبة، بل في تفاصيلنا اليومية.
ركن من الداخل ليس عمودًا نفسيًا، ولا منصة وعظ.
بل مساحة للتفكّر، لإعادة ترتيب الأسئلة بدل البحث عن إجابات جاهزة.
• ما معنى أن أكون بخير؟
• هل الهدوء الذي أشعر به سلام… أم تعب؟
• هل يمكنني مواجهة ذاتي دون أن أتهشّم؟
• وهل يبدأ الإصلاح حقًا من الداخل، أم من مواجهة الخارج؟
“ركن من الداخل” دعوة للإنصات… لا للعلاج.
محاولة بسيطة، لكنها جذرية، لاستعادة علاقتنا بأنفسنا،
في زمن يتقن كل شيء… إلا الإصغاء.
