أظهر استطلاع جديد للرأي أن غالبية الإسبان يرون في المغرب التهديد الخارجي الأكبر لبلادهم، متقدماً على دول كبرى مثل روسيا والولايات المتحدة. ووفق نتائج الاستطلاع، فإن 55% من المشاركين يعتبرون الجار الجنوبي الخطر الأول على أمن إسبانيا، في وقت يواصل فيه الجدل بشأن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين حضوره في الأوساط السياسية والإعلامية.
المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية الذي أنجز الاستطلاع، أشار إلى أن هذه المخاوف تتعزز كلما توجه الرأي العام نحو اليمين السياسي. ففي حين يرى 56% من اليمينيين أن المغرب يمثل تهديداً مباشراً، تنخفض هذه النسبة إلى 38% لدى ذوي التوجه الوسطي، و29% فقط لدى المنتمين لليسار.
الاستطلاع الذي شمل عينة من ألف مواطن تتراوح أعمارهم بين 18 و80 عاماً، أشار أيضاً إلى أن روسيا حلت في المرتبة الثانية بـ33% من الآراء، تليها الولايات المتحدة بنسبة 19%، ثم إسرائيل بـ8%، فالصين بـ6%. غير أن المفارقة تكمن في أن 60% من الإسبان لا يشعرون بأي تهديد خارجي مباشر، مقابل 40% فقط يرون عكس ذلك.
وتؤكد هذه الأرقام استمرار تصدر المغرب لقائمة التهديدات المحتملة في الوعي الجماعي الإسباني. ففي عام 2021، بلغت هذه النسبة 35%، لترتفع إلى 49% في 2024، ثم تصل إلى 55% في الاستطلاع الأخير لسنة 2025.
من جهة أخرى، لا تزال قضية سبتة ومليلية تؤجج المخاوف لدى بعض الأوساط السياسية. فقد طالب حزب “فوكس” اليميني المتطرف الحكومة الإسبانية بتوضيحات رسمية حول ما إذا كانت قد حصلت على ضمانات من الرباط بعدم المطالبة بالمدينتين، في خطوة عكست استمرار التوجس من احتمالات التصعيد.
وفي تقرير نشرته الصحافة الإسبانية، أُثيرت مخاوف مما وصف بـ”مسيرة خضراء جديدة بدعم من ترامب”، مع الإشارة إلى أن فوز الرئيس الأمريكي السابق بولاية جديدة قد يعزز من دعم واشنطن للمغرب في هذا الملف، وهو ما تراه بعض المؤسسات الأمنية الإسبانية عاملاً مؤرقاً.
وفي ظل هذا التوتر الخفي، تتجنب القيادات المحلية في المدينتين الإدلاء بتصريحات رسمية، مفضلة التركيز على ملفات تقنية، مثل فتح الجمارك التجارية مع المغرب. إلا أن المؤسسات العسكرية والأمنية، بحسب ما نقله الإعلام الإسباني، تتابع الوضع بقلق متزايد، خاصة مع غياب الحماية المباشرة من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي هذا السياق، يرى الأميرال المتقاعد خوان رودريغيز أن إنشاء جيش أوروبي موحد قد يكون ضرورياً لحماية سبتة ومليلية في حال تعرضهما لأي تهديد. واعتبر في تصريح إذاعي أن الدفاع عن أي نقطة في أوروبا يجب أن يكون مسؤولية جماعية، مضيفاً أن الشعور بالانتماء المشترك هو ما يصنع القوة الدفاعية، وليس المال وحده.