مع تزايد إقبال المواطنين على السفر خلال عطلة الصيف، طفت إلى السطح من جديد مسألة مطالبة بعض الإدارات العمومية موظفيها بالإدلاء بشهادة مغادرة التراب الوطني، وهي وثيقة إدارية لطالما أثارت جدلاً واسعاً حول مشروعيتها القانونية، ومدى احترامها للحقوق الدستورية للمواطنين، خصوصاً في صفوف موظفي الدولة.

وفي هذا الإطار، أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن هذا الإجراء غير قائم على سند قانوني، بل يتعارض مع مقتضيات الدستور المغربي، معتبراً أن مطالبة الموظفين الإدلاء بهذه الوثيقة عند الرغبة في السفر خارج البلاد “غير قانوني، والأكثر من ذلك غير دستوري”.

وأوضح وهبي أن الفصل 24 من الدستور المغربي يكفل بوضوح حق جميع المواطنين في حرية التنقل عبر التراب الوطني، والخروج منه، والعودة إليه، وهو حق مكفول للجميع، ولا يمكن تقييده إلا بموجب القانون، وفي حالات استثنائية واضحة تتعلق بالمصلحة العامة أو الأمن القومي.

وأضاف الوزير أن التشريعات الوطنية لا تلزم الموظفين العموميين، باستثناء بعض الفئات ذات الطبيعة الحساسة أو الأمنية، بالحصول على شهادة مغادرة التراب الوطني، مؤكداً أن الإبقاء على هذا الإجراء الإداري بالنسبة لباقي الموظفين يعدّ تجاوزاً قانونياً ومساساً بحرية الأفراد.

وتأتي هذه التصريحات في سياق تنامي شكاوى موظفين عموميين من اضطرارهم إلى استخراج هذه الوثيقة في كل مناسبة، وهو ما يعتبرونه عبئاً بيروقراطياً لا مبرر له، خاصة في ظل غياب نص قانوني صريح يُلزمهم بذلك.

ويطرح هذا الجدل مسألة تحديث الإدارة العمومية، وملاءمة الإجراءات الإدارية مع المقتضيات الدستورية، في ظل الدعوات المتكررة لتبسيط المساطر وتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات، بما يضمن احترام الحقوق والحريات الفردية، وعلى رأسها الحق في التنقل والسفر.

ويُرتقب أن تعيد تصريحات وزير العدل الجدل حول هذه الوثيقة إلى واجهة النقاش العمومي، خاصة وأنها تثير إشكالات متكررة في قطاعات مختلفة خلال موسم الإجازات.