الاخبار كلمة الرأي

هل تلتقط الأحزاب السياسية الإشارة؟

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/k7tn

حمزة كعوشي

في خطاب العرش لسنة 2025، الذي اعتاده المغاربة لحظة للتقييم الصادق وفتح الآفاق المستقبلية، أطلق جلالة الملك محمد السادس نصره الله رسائل بالغة الأهمية، لم يكن فيها مجال للمجاملات أو الكلام المكرر. لقد كان خطابا نابعا من هم وطني صادق، يحرك عمق الدولة ويوجه بوصلتها، ويضع الجميع أمام مسؤوليته التاريخية دون استثناء.
جلالة الملك تحدث بلغة واضحة، دقيقة، وحاسمة. فبعد أن استعرض ما تحقق من إنجازات اقتصادية ومكانة دولية متقدمة، عرج مباشرة على التحديات الاجتماعية والمجالية، مؤكدا أن مغرب اليوم لا يمكن أن يستمر بمنطق “سرعتين”. وأمام هذا التشخيص الصريح، جاء الحديث عن الانتخابات التشريعية لسنة 2026 كأحد أهم المفاتيح لمواجهة الاختلالات وإطلاق إصلاحات جديدة، أكثر عمقا، وأكثر جرأة.
وهو ما يدفعنا لطرح السؤال الكبير: هل تلتقط الأحزاب السياسية الإشارة؟
هل فهمت فعلا ما قصده جلالة الملك حين قال إنه يجب تحيين المنظومة القانونية قبل نهاية السنة؟ هل استوعبت أن حديثه ليس ترفا سياسيا، بل دعوة إلى حوار وطني جاد، مسؤول، وطموح، لإعداد استحقاقات انتخابية تكون مدخلا فعليا لإعادة الثقة في المؤسسات؟
الكرة الآن في ملعب الأحزاب. وعليها أن تختار يا إما أن تكون في مستوى اللحظة، فتقدم للوطن مرشحين يتسمون بالكفاءة، والنزاهة، والمروءة، وخدمة الصالح العام، أو أن تعيد نفس الوجوه التي ملها الشارع، وتكرس واقع القطيعة بين المواطن والممثل السياسي.
فالمواطن المغربي اليوم لم يعد يكتفي بالوعود والشعارات، بل يريد من يمثله بصدق، من يخاطبه بلغته، من لا يختفي بعد الانتخابات، من لا يستثمر في الضعف والبؤس ليضمن مقعدا. المواطن يريد نخبا تعرف معنى التواصل، وتتحمل هم التنمية، وتحترم ذكاء الناس.
لقد أشار جلالة الملك في خطابات سابقة إلى أهمية تمكين الشباب من مناصب القرار، ودعا بوضوح إلى تنزيل ميثاق أخلاقيات خاص بممثلي الأمة. واليوم، يعود ليربط بين نزاهة المسار الانتخابي وجودة النخب، وبين مصير البلاد. وهذا الترابط ليس عبثا، بل تأسيس لمعادلة جديدة في المشهد السياسي المغربي، إما نخب مسؤولة، أو تراجع في الثقة والمشاركة.
إنه لا مجال اليوم للرمادية. لا مكان للغة الخشب. المغرب محتاج إلى نخبه، محتاج إلى رجالاته ونسائه وشبابه، موحدين على كلمة واحدة: خدمة الوطن، بكل مسؤولية، وبأخلاق عالية.
المقاعد ليست غاية، بل وسيلة لتحقيق التنمية والكرامة. لكن حين تتحول إلى هدف شخصي، فإنها تفسد السياسة وتقتل الأمل.
فهل ستفهم الأحزاب الرسالة؟ وهل ستعيد الاعتبار للمواطن؟
أم أننا سنعيد إنتاج نفس مشهد العزوف، والاحتجاج الصامت، والإحباط العام؟
جلالة الملك نصره الله قال كلمته. فهل من مجيب؟

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/k7tn

إيمان بوحزامة

About Author

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.