في خطوة مثيرة تعيد خلط الأوراق في الشرق الأوسط، أعطى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الضوء الأخضر لتنفيذ ضربات دقيقة استهدفت منشآت نووية إيرانية، بينها مواقع حساسة في أصفهان، فوردو، ونتانز.
الضربة الأمريكية جاءت كجزء من تصعيد مفاجئ في الصراع النووي بين واشنطن وطهران، وسط صمت رسمي أمريكي وتكتم إيراني لم يدم طويلاً.
استعداد مسبق في فوردو ونقل “اليورانيوم عالي التخصيب“
مصدر إيراني مطلع كشف لوسائل إعلام محلية أن إيران كانت على علم مسبق باحتمالية الهجوم، حيث تم تقليص عدد العاملين في منشأة فوردو إلى الحد الأدنى قبل ساعات من الضربة، كما نُقل اليورانيوم عالي التخصيب إلى موقع غير معلن، ما قلل من الأضرار المحتملة.
الرد الإيراني بصاروخ “خيبر” متعدد الرؤوس
بعد أقل من أربع ساعات على الهجوم، ردت إيران بإطلاق صاروخ “خيبر”، وهو صاروخ يعمل بالوقود الصلب، ويتميز بقدرات مناورات عالية ورؤوس متعددة. ويحمل الاسم “خيبر” دلالات رمزية مرتبطة بالتاريخ الإسلامي، ما يضفي على الرد أبعاداً دعائية وتعبوية قوية. الصاروخ أطلق في سياق ما تسميه طهران “الموجة العشرين من الوعد الصادق”، ضمن سلسلة رسائلها العسكرية الاستراتيجية.
سيناريوهات الرد الإيراني
القيادة الإيرانية، التي تتبنى سياسة “الغموض البناء”، تمتلك مجموعة من السيناريوهات للرد، بعضها بدأ يُنفّذ، فيما يظل الآخر قيد التلويح:
الإنكار والتقليل من الأضرار: قد تعلن طهران أن الهجمات لم تُحدث تأثيراً كبيراً، وتصفها بأنها “فاشلة” لتقويض الرواية الأمريكية.
فتح جبهات بالوكالة: منح الضوء الأخضر للمليشيات التابعة لإيران في المنطقة لاستهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا والخليج، في تصعيد غير مباشر.
اللجوء إلى القنوات الدولية: تقديم شكاوى إلى مجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، للتنديد بالضربات واعتبارها انتهاكاً لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
تهديد الملاحة العالمية: أحد أخطر السيناريوهات يتمثل في احتمال إغلاق مضيق هرمز، الشريان الحيوي لتجارة النفط العالمية.
رد مباشر على إسرائيل: شنّ هجمات على منشآت نووية إسرائيليةوضمنع “مفاعل ميمونة”.
اللعب على سرديات “حفظ ماء الوجه”: في هذا السيناريو، تحتفظ كل الأطراف بحق الرد في الوقت المناسب دون التصعيد الفوري، بما يسمح بتهدئة الرأي العام داخلياً.
يبقى المشهد معقداً، فالمواجهة بين إيران والولايات المتحدة لم تعد مجرد “حرب ظل”، بل بدأت تأخذ طابعاً مباشراً وخطيراً. أما الرد الإيراني، فسيبقى رهين ميزان القوة، الحسابات الجيوسياسية، ورسائل الداخل والخارج.
هل تتجه المنطقة إلى تصعيد شامل؟ أم أن لعبة التوازنات ستفرض “هدنة غير معلنة” إلى حين؟