أفرزت نتائج المباراة الكتابية لولوج المدارس العليا الفرنسية للمهندسين لموسم 2024-2025، وعلى رأسها مدرسة البوليتكنيك الفرنسية (X)، معطيات صادمة للأوساط التربوية والأكاديمية المغربية، بعد عدم تسجيل أي نجاح من طرف تلاميذ الأقسام التحضيرية العمومية (CPGE PUBLIC)، الأمر الذي أثار تساؤلات حادة حول فعالية تدبير المال العام الموجه لهذا القطاع الحيوي، وجدوى الشراكات التي تنهجها الوزارة مع مؤسسات خاصة أو شبه خاصة.

ورغم ما تستفيد منه هذه الأقسام من تمويل حكومي مباشر، وتخصيص ميزانيات مهمة لتكوين نخب مغربية قادرة على التنافس الدولي، إلا أن الحصيلة النهائية للناجحين في المباراة الكتابية لمدرسة البوليتكنيك كانت كالتالي:

-الاقسام التحضيرية العمومية (CPGE PUBLIC):0ناجح

-ثانوية بن جرير (شراكة): 38 ناجحًا

-مؤسسة الزهراوي(شراكة): 6 ناجحين

• -ثانوية التميز الدار البيضاء(شراكة) : 3 ناجحين

-ثانوية med مارتيل(شراكة): 3 ناجحين

-الاقسام التحصيرية ابن غازي (الخاصة): 1 ناجح

هذه النتائج فجّرت نقاشًا حول الاختلالات التي تعاني منها المنظومة العمومية، خاصة بعد التراجع الكبير في أداء مراكز النخبة من مسلكي MP و*MP،PSI والتي كانت تُعتبر في السابق حاملة للراية المغربية في مباريات المدارس العليا بفرنسا.

ويشير فاعلون تربويون إلى أن أحد أبرز أسباب هذا التراجع هو نظام الشراكات المعتمد منذ سنوات، والذي يسمح بإعارة الأساتذة المبرزين المتمرسين إلى مؤسسات شراكة مقابل مضاعفة الأجور، مما حرم المراكز العمومية من أهم مواردها البشرية، وهو ما انعكس سلبًا على جودة التكوين والمواكبة.

وتستفيد مؤسسات الشراكة، إلى جانب الموارد البشرية، من بوابة المركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب، لانتقاء أفضل التلاميذ بمستوى أعلى، وهو ما يكرّس تمييزًا هيكليًا داخل المنظومة، حيث تُمنح الأولوية لهذه المؤسسات على حساب مراكز الدولة، رغم أن الأخيرة تستقبل تلاميذًا من مختلف الفئات وتؤطرهم بإمكانات محدودة وأحيانًا بأساتذة جدد يفتقرون للخبرة.

وفي حديث لـ”الإعلام الأخضر”، عبّر عدد من أولياء الأمور عن قلقهم من الفوارق المتزايدة بين القطاعين، مشيرين إلى أن النتائج السنوية تُظهر بوضوح تفوق مؤسسات الشراكة بشكل منهجي، مما يطرح سؤال الجدوى من الاستثمارات العمومية الحالية، ويدعو إلى إعادة النظر في أولويات الدولة في هذا الملف.

ودعا مراقبون إلى ضرورة تحرك عاجل من طرف الحكومة ووزارة التربية الوطنية لإجراء تقييم شامل لمنظومة الأقسام التحضيرية، يهدف إلى إعادة توزيع الموارد البشرية بشكل عادل، ووضع حد لاختلالات التكوين التي تعيق تحقيق الأهداف الاستراتيجية، خصوصًا في ظل طموحات المغرب في تموقع دولي أقوى في مجالات البحث والابتكار.

وفي انتظار هذا الإصلاح المنشود، يبقى الأمل معقودًا على رؤية جديدة أكثر إنصافًا وكفاءة، تعيد الاعتبار للأقسام التحضيرية العمومية كمشتل حقيقي للنخبة العلمية المغربية، وتضمن عودة المنافسة على أعلى المستويات الدولية.