سجل مهرجان القنيطرة في نسخته الأولى ليلة الاثنين 25 غشت 2025 لحظة فارقة في المشهد الفني المغربي، بعدما استقطبت السهرة الكبرى التي جمعت الفنانين سعد لمجرد والحر جمهوراً قياسياً بلغ 320 ألف متفرج، في رقم غير مسبوق يعكس التحول النوعي الذي تشهده المدينة على مستوى تنظيم التظاهرات الثقافية والفنية الكبرى.
هذا الإقبال الجماهيري الهائل شكّل مؤشراً واضحاً على نجاح المهرجان في نسخته التأسيسية، وقدرته على استقطاب مختلف شرائح الجمهور من القنيطرة ومن مدن مغربية أخرى، في أمسية مزجت بين الإيقاعات التراثية والعروض الشبابية العصرية، ما منحها طابعاً جامعاً أعاد للمدينة بريقها الفني بعد سنوات من الغياب عن الساحة المهرجانية الوطنية.
افتُتحت السهرة بأداء للفنان وليد الرحماني، الذي قدّم مزيجاً من الأغاني الشبابية المستوحاة من التراث الشعبي بروح معاصرة، ما أضفى طاقة افتتاحية لافتة. تلاه الفنان بدر أوعبي الذي أبدع في مزج الأغنية الأمازيغية بالعربية، مستحضراً الذاكرة الفنية للمنطقة في أداء لاقى تفاعلاً قوياً من الحضور.
ذروة السهرة كانت مع صعود سعد لمجرد إلى المنصة، حيث انفجرت الساحة بحناجر الجمهور الذي ردد أشهر أغانيه في أجواء غامرة بالحماسة والانفعال، خصوصاً أن هذا الظهور يُعد الأول له في مهرجان مغربي منذ قرابة عشر سنوات. اختار لمجرد أن يعود إلى جمهوره من منصة مهرجان “القنيطرة روح غرباوة”، ليمنح للمناسبة بعداً رمزياً وثقافياً خاصاً.
المفاجأة التي زادت من حماس الجماهير كانت بظهور فنان الراب مراد حلحول، المعروف بلقب “الحر”، إلى جانب سعد لمجرد، حيث أدّيا معاً أغنية “حس بيا”، في لحظة توحد فيها جيلان من الأغنية الشبابية المغربية على منصة واحدة، فألهبت الحضور وأكدت على اندماج الألوان الموسيقية الحديثة في وجدان الجمهور.
على صعيد التنظيم، ورغم الحضور الكثيف، سُجلت مستويات عالية من الانضباط بفضل جهود السلطات الأمنية والأطر الصحية. ونجحت فرق الوقاية المدنية والهلال الأحمر في التعامل السريع مع حالات محدودة من الإغماء أو التعب، ما مكّن السهرة من الاستمرار في ظروف سليمة وآمنة.
وقد اعتبر المنظمون أن هذا النجاح يمثل منعطفاً في المسار الفني لمدينة القنيطرة، ويضع المهرجان في موقع متقدم ضمن خارطة التظاهرات الثقافية الكبرى في المملكة. كما يعكس الحدث الأثر الإيجابي للمهرجان على الحركية الاقتصادية للمدينة، من خلال الإقبال المتزايد على قطاعات الإيواء، والمطعمة، والنقل، في ظل توافد عشرات الآلاف من الزوار والمحبّين للفن.
نجاح اليوم الثالث من المهرجان يعزّز طموح تحويله إلى موعد سنوي قار يعكس التنوع الثقافي المغربي، ويجعل من القنيطرة فضاءً للإشعاع الفني، ومركز جذب سياحي وثقافي يرتقي بمكانة المدينة على المستويين الوطني والدولي.
