تستعد مدينة الصويرة لاحتضان النسخة الثانية من “المنتدى العالمي للنساء من أجل السلام” بين 19 و21 شتنبر 2025، غير أن أجواء هذا الحدث تطبعها موجة رفض ومقاطعة من منظمات مغربية وفلسطينية ودولية، على خلفية مشاركة وفد إسرائيلي اعتُبرت بمثابة “تطبيع مقنّع” لا يعكس حقيقة السلام.
حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) اعتبرت المنتدى “نشاطًا تطبيعيًا بامتياز”، لأنه يضع ممثلين عن الاحتلال الإسرائيلي على منصة واحدة مع فلسطينيين وعرب، من دون اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني أو التزام بالنضال ضد الاحتلال. وأكدت الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (MACBI) والحملة الفلسطينية (PACBI) الموقف ذاته، داعيتين المشاركين إلى الانسحاب ورفض منح أي شرعية لمثل هذه الأنشطة.
المعارضون انتقدوا الخطاب الذي يتبناه المنتدى تحت شعار “التعايش المشترك”، معتبرين أنه يغفل واقع ما يصفونه بـ”الإبادة الجماعية المستمرة” في قطاع غزة، حيث يشكّل النساء والأطفال النسبة الأكبر من الضحايا. وأوضحوا أن هذه المبادرات تُستخدم لتلميع صورة الاحتلال والتغطية على جرائمه عبر شعارات “السلام المزيّف” و”تمكين المرأة”، بينما تغيب الشروط الأساسية لسلام عادل قائم على إنهاء الاحتلال والاستيطان والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
البيان المشترك للحملات المقاطعة شدّد على أن التطبيع يعني المشاركة في أي نشاط يجمع الفلسطينيين أو العرب مع الإسرائيليين، سواء كأفراد أو مؤسسات، دون التزام الاحتلال بإنهاء الاستعمار الاستيطاني واحترام القانون الدولي. وأشار إلى أن احتضان المغرب لهذا المنتدى يعكس – وفق وصفه – “تواطؤًا سياسيًا” تجلّى في التعامل مع شركات عسكرية إسرائيلية، واستضافة مناورات شاركت فيها قوات إسرائيلية، إلى جانب فتح قنوات تعاون أكاديمي وثقافي واقتصادي.
وتبقى مشاركة بعض الفلسطينيين والعرب في المنتدى محل انتقاد لاذع من جانب حركات المقاطعة، التي وصفتها بأنها “ورقة توت” يستعملها الاحتلال لإخفاء جرائمه وتبييض ممارساته، في وقت تتواصل فيه الحرب المدمّرة على غزة وتصدر المحاكم الدولية قرارات واضحة بوقف الإبادة.
بهذا الجدل، تتحول الصويرة، المدينة المعروفة بتاريخها المتعدد الثقافات، إلى مسرح لنقاش سياسي وحقوقي أوسع حول حدود الانفتاح وأثمان التطبيع، وحول معنى السلام في ظل استمرار الاحتلال والانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني.