يشكل المغرب حالة مختلفة نسبياً بين الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل عام 2020، مقارنة بمصر والأردن اللتين سبق لهما توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل (مصر عام 1979، والأردن عام 1994).
رغم مرور عقود على اتفاقيات السلام في مصر والأردن، ظلّ موقف الرأي العام فيهما شديد البرودة تجاه إسرائيل. بحسب استطلاع حديث شمل 12 دولة، كان الأردنيون والمصريون من بين أقل الشعوب تأييداً للتطبيع، إذ لم تتجاوز نسبة المؤيدين 5% في كلا البلدين. وقد ظلت العلاقات هناك على مستوى “سلام بارد”، إذ لم يتحقق الاختراق الشعبي أو الثقافي رغم التعاون الرسمي بين الحكومات.
أما في المغرب، فقد أظهرت الأرقام الأولية من استطلاع الباروميتر العربي 2021-2022 أن نسبة التأييد للتطبيع كانت أعلى بكثير، حيث بلغت 31% بعد عام تقريباً من توقيع الاتفاقات. هذه النسبة تعكس وجود قاعدة شعبية كانت أكثر استعداداً لقبول التطبيع مقارنة بمصر والأردن. ويُعزى هذا الفارق بشكل رئيسي إلى تأثير السياسات الأميركية المصاحبة للاتفاق، خصوصاً اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مما أعطى للاتفاق بُعداً سيادياً وطنياً بالنسبة للمغاربة، بعكس الحالة في مصر أو الأردن.
لكن هذا الزخم الإيجابي شهد تراجعاً حاداً في سياق الحرب الأخيرة على غزة (2023-2024). ففي المغرب، انخفضت نسبة المؤيدين للتطبيع من 31% إلى 13% فقط، أي تراجع بأكثر من 50%. بل إن نسبة التأييد بين من اعتبروا الحملة الإسرائيلية “إبادة جماعية” لم تتجاوز 9%.
على النقيض، ظل الموقف الشعبي في مصر والأردن ثابتاً عند مستويات منخفضة للغاية منذ البداية (حوالي 5%)، مما يُظهر أن أي “سلام دافئ” لم يتحقق يوماً في هذين البلدين، ولا تأثر كثيراً بالحرب الأخيرة.