صادق مجلس النواب، بالأغلبية، على مشروع قانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، في خطوة تشريعية تهدف إلى ترسيخ المكاسب التي جاء بها القانون 90.13، الذي أرسى أول لبنات التنظيم الذاتي للمهنة، وتعزيز استقلاليتها، في أفق تأهيل قطاع الصحافة والنشر وتحديث ترسانته القانونية.
ويأتي مشروع القانون الجديد في سياق يتسم بتحولات عميقة على مستوى المشهد الإعلامي، وتحديات متزايدة تهم ممارسة مهنية مسؤولة، في ظل الطفرة الرقمية وتزايد الضغوط الاقتصادية التي تواجهها المقاولات الصحفية.
تكريس الاستقلالية وتعزيز الاختصاصات
بحسب المذكرة التقديمية للمشروع، فإن النص يهدف إلى الحفاظ على الطابع المهني المستقل للمجلس الوطني للصحافة، والتأكيد على استمرارية اختصاصاته الأساسية، مع مراعاة المهام الموكولة لـالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.
كما يتضمن المشروع تعديلات بنيوية وإجرائية، خاصة فيما يتعلق بالمهام التنظيمية، مثل وضع النظام الداخلي للمجلس، ومسك سجل خاص بالصحفيين المهنيين الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية، وسجل آخر للناشرين، وفق شروط مضبوطة يحددها النظام الداخلي.
تمثيلية مهنية عادلة: مطلب النقابة الوطنية للصحافة
في المقابل، أعربت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن مجموعة من التحفظات، وسبق لها أن قدمت إلى المؤسسة التشريعية مذكرة ترافعية تطالب فيها بـ”تمثيلية مهنية عادلة” داخل تركيبة المجلس الوطني للصحافة، انسجامًا مع مبادئ الديمقراطية التشاركية والحكامة الجيدة التي نص عليها الدستور المغربي لسنة 2011.كما نظمت النقابة ندوة صحفية عرضت خلالها قراءة دستورية وقانونية لآليات انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين داخل المجلس، معتبرة أن أي إصلاح تشريعي يجب أن يتم بتشاور موسع مع الفاعلين المهنيين، وعلى قاعدة التوافق، لا الفرض من الأعلى.
إصلاح أم إعادة هيكلة؟
يبقى السؤال المطروح اليوم: هل يشكل مشروع القانون 26.25 إصلاحًا حقيقيًا أم مجرد إعادة هيكلة إدارية؟
في الوقت الذي يراه البعض استمرارًا في بناء مؤسسات الحكامة المهنية، يشكك آخرون في مدى استقلالية المجلس إذا ما غُيّبت آليات الانتخاب الديمقراطي والتمثيلية العادلة، خاصة مع اعتماد الاقتراع الاسمي الفردي في انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين، وترى النقابة الوطنية للصحافة المغربية في ذلك ” خرقا واضحا لعدد من المبادئ الدستورية والمرجعيات الدولية الملزمة للمملكة المغربية، وترى أن الخلل يكمن “في اقصاء التنظيمات النقابية من الية الترشيح ، مما يحول التمثيل المهني الى منافسة فردية معزولة، بدل أن يكون تمثيلا مؤطرا ومنسجما مع البناء الديمقراطي المهني”
أفق المهنة: حماية أم تضييق؟في خضم النقاش، يبقى الهاجس المشترك هو مستقبل مهنة الصحافة في المغرب، والتي تحتاج إلى حماية قانونية، ومناخ من الحرية والمسؤولية، ومؤسسات مهنية قوية، مستقلة، وذات مصداقية.ويرى عدد من المهنيين أن المدخل الأساسي لأي إصلاح حقيقي يكمن في التشاور الواسع، ومأسسة الحوار بين الصحافيين،وممثليهم، والسلطات المعنية، بما يعزز ثقة الجسم المهني في مؤسساته، ويرفع التحديات التي تواجهها الصحافة الوطنية المغربية
