كشفت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) عن حصيلة غير مسبوقة لحوادث السير في المغرب خلال سنة 2024، حيث تجاوز عدد الوفيات حاجز 4000 حالة لأول مرة في تاريخ المملكة، مسجلًا زيادة بنسبة 5.37% مقارنة بسنة 2023. جاء ذلك في ندوة صحافية عقدها المدير العام ناصر بولعجول يوم الإثنين 7 يوليوز 2025، حيث أعرب عن قلقه الشديد من هذا التصاعد، خصوصًا في ظل التقدم الذي كان يُسجَّل في السنوات الماضية.
كما أبرزت المعطيات أن نسبة الوفيات في صفوف سائقي الدراجات النارية ارتفعت بـ27.5% بين سنتي 2015 و2024، حيث باتت هذه الفئة تمثل 63% من إجمالي الوفيات الطرقية خلال العام الماضي. واعتبر بولعجول أن هذا المؤشر يسلط الضوء على تحول الدراجات النارية إلى “التهديد الأكبر” للسلامة الطرقية، نتيجة لسلوكيات متهورة أبرزها السرعة المفرطة، التجاوزات الخطيرة، والسياقة الاستعراضية التي أصبحت شائعة في المدن الكبرى.
وعزا بولعجول هذا الارتفاع المقلق إلى توسع خدمات التوصيل السريع، خاصة في المناطق الحضرية، مشيرًا إلى أن العديد من سائقي هذه الدراجات لا يحترمون قانون السير، ويتعمدون تجاوز الإشارات وارتكاب مخالفات خطيرة لتسريع التسليم. كما حذر من “السياقة الاستعراضية” التي تنتشر بشكل مقلق في الفضاءات العامة، مؤكدًا أن هذه الممارسات تزيد من حدة الحوادث وتهدد أمن السائقين والمارة.
وقد أعلنت الوكالة عن إطلاق خطة متكاملة لصيف 2025، تتضمن مراقبة مشددة على الدراجات النارية عبر آليات إلكترونية متطورة لقياس السرعة، وتكثيف الحملات التحسيسية في المدن والمناطق الخطرة. وتشمل الإجراءات أيضًا فرض استخدام الخوذات الواقية المعتمدة، ومراقبة توفر لوحات الترقيم، إضافة إلى إخضاع الدراجات ذات الأسطوانة فوق 50cc لرقابة تقنية دقيقة، ومراجعة شروط تسويقها من طرف الموزعين والمصنعين.
ضمن الخطة الصيفية، تعتزم “نارسا” تنظيم حملات ميدانية لتوعية سائقي الدراجات النارية بخطورة التجاوزات، وتشمل توزيع خوذات معتمدة وشرح السلوكيات التي تزيد من احتمال الوفاة في حال وقوع حادث. كما ستركز الوكالة على مراقبة “النقاط السوداء” التي تمثل فقط 1.6% من شبكة الطرق، لكنها مسؤولة عن 38% من ضحايا الحوادث. وتشمل المراقبة استخدام رادارات محمولة وثابتة لتغطية هذه النقاط على مدار الساعة.
يذكر أن تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO 2023) أشار إلى المغرب من بين الدول التي تشهد ارتفاعًا مستمرًا في وفيات الطرق، بنسبة تفوق المعدل الإقليمي في شمال إفريقيا.
كما أن دراسات محلية تُظهر أن 80% من سائقي دراجات التوصيل السريع في المدن الكبرى لا يلتزمون بالخوذة، و45% منهم يقودون بسرعات تفوق المسموح بها داخل المدار الحضري.
وعلى سبيل المقارنة فإن الجزائر وتونس سجّلتا انخفاضًا في وفيات حوادث الدراجات بنسبة 9% و12% على التوالي خلال العامين الأخيرين، بفضل تشديد القوانين وفرض التكوين الإجباري للسائقين الجدد.
