ارتفع عدد ضحايا الفيضانات المفاجئة التي ضربت ولاية تكساس الأميركية إلى ما لا يقل عن 82 قتيلاً، في واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية دمارًا خلال السنوات الأخيرة. ولا تزال السلطات تبحث عن عشرات المفقودين وسط ظروف مناخية قاسية، فيما تتواصل عمليات الإنقاذ بصعوبة بالغة.
بدأت الفيضانات بعد ارتفاع مفاجئ في منسوب مياه نهر غوادلوبي بثمانية أمتار خلال أقل من ساعة. هذا الارتفاع غير الطبيعي نجم عن أمطار غزيرة اجتاحت المنطقة يوم الجمعة، وحوّل العديد من المدن والقرى إلى مناطق منكوبة، حيث جُرفت المنازل والمركبات، وتقطّعت السبل بآلاف السكان.
من بين أكثر المناطق تضررًا، مخيم “ميستيك” للفتيات في وسط تكساس، حيث لقيت 10 فتيات ومرشدتهن حتفهن أثناء مشاركتهن في نشاط صيفي. لم تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إليهن في الوقت المناسب بسبب وعورة التضاريس وارتفاع منسوب المياه بشكل كارثي.
فرق الإنقاذ تنتشر في المناطق المنكوبة رغم الصعوبات الكبيرة، ومنها وجود أفاعٍ وزواحف فارة من موائلها، مما يزيد من تعقيد عمليات البحث. السلطات أعلنت أن عدد المفقودين بلغ حتى الآن 41 شخصًا، وهناك مخاوف من ارتفاع حصيلة الضحايا في الساعات المقبلة.
الحرس الوطني الأميركي استُدعي للمساعدة في عمليات الإغاثة، كما فُتحت مراكز إيواء لتقديم المساعدة للناجين، وتوزيع الطعام والمياه، وتوفير أماكن آمنة مؤقتة للسكان المتضررين.
هذه الفيضانات أعادت إلى الواجهة النقاش المحتدم حول التغير المناخي، ومدى تأثيره المتسارع على حياة الناس. خبراء الأرصاد وصفوا الكارثة بأنها نتيجة مباشرة لظواهر مناخية متطرفة أصبحت أكثر تواترا وخطورة.
في المقابل، وُجهت انتقادات حادة لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بسبب تقليص التمويل الموجه لبرامج الوقاية من الكوارث وتجاهل التحذيرات البيئية، مما جعل الولايات المعرضة للخطر مثل تكساس غير مهيأة لمواجهة كوارث بهذا الحجم.
العديد من النشطاء البيئيين اعتبروا أن ما حدث ليس مجرد فاجعة طبيعية، بل نتيجة مباشرة لغياب التخطيط وعدم الاستثمار في البنية التحتية المستدامة، مؤكدين أن غياب أنظمة الإنذار المبكر وإجراءات الحماية ساهم في تعميق الأزمة.
وسط هذه الفوضى، ترتفع الأصوات المطالبة بفتح تحقيق عاجل، لتحديد مكامن الخلل في الاستجابة الحكومية، ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير محتمل. كما تزايدت الدعوات لتخصيص ميزانيات أكبر لمشاريع الحماية المناخية، وتبني إصلاحات عاجلة في سياسات التهيئة الحضرية.
ضحايا تكساس ليسوا فقط أرقامًا في قائمة، بل قصصًا لعائلات فُجعت، ووجوهًا غابت تحت الماء. الفيضانات الأخيرة لم تكن مجرد حادث عرضي، بل إنذار صريح بأن التغير المناخي بات واقعًا يهدد الأرواح والبشر.
إن استمرار تجاهل تداعيات المناخ لن يؤدي إلا إلى كوارث جديدة. ما حدث في تكساس قد يتكرر في أي مكان ما لم تتحرك الحكومات بسرعة وبمسؤولية، وتضع حماية الإنسان والبيئة في صدارة أولوياتها.