Thursday, 7 August 2025
الاخبار دولية

فلاديمير بوتن.. “القيصر المعاصر” الذي رأى في إفريقيا أملاً ونقطة تحول في النظام العالمي

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/jdn0

في وقتٍ أدار فيه الغرب ظهره لإفريقيا، غارزاً أنيابه في ملفات الجغرافيا السياسية ومصالحه التجارية، برز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كرقم صعب في معادلة جديدة تشهدها القارة السمراء. قارة تعاني من نزيف الجوع، والديون، وعدم الاستقرار، وجدت في موسكو حليفاً غير تقليدي يسعى لبناء تحالفات تقوم على المصالح المشتركة بعيداً عن الإرث الاستعماري المعقّد.

روسيا في إفريقيا: شراكة بديلة أم هيمنة جديدة؟

تقدّم روسيا نفسها كقوة دولية تعارض الهيمنة الغربية، وتدعم حق الدول في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي. وقد استغلت هذا الموقف لتعزيز حضورها في عدة دول إفريقية مثل تشاد، بوركينا فاسو، وغانا، خاصة في ظل تنامي النزعة المناهضة للاستعمار الجديد، وخروج عدد من القادة الجدد ضد النفوذ الفرنسي والغربي في بلدانهم.

في هذا السياق، ظهر الدور الروسي في مساعدة بعض الأنظمة على تصفية ما يصفونه بـ”الولاءات القديمة” للغرب، خصوصًا في ظل تزايد الاتهامات لشركات أمنية واقتصادية غربية بمحاولة زعزعة الاستقرار خدمةً لمصالح غير مُعلنة.

من المجاعة إلى الطاقة: كيف أعادت موسكو تشكيل تحالفاتها؟

تتمثل أحد أبرز محاور الدور الروسي في دعم الأمن الغذائي والطاقة. فخلال أزمة الحبوب العالمية الناتجة عن الصراع في أوكرانيا والعقوبات المفروضة، حافظت موسكو على تدفق الحبوب والأسمدة إلى عدد من الدول الإفريقية. وقد اعتبر هذا التحرك بمثابة “إنقاذ” من مجاعة محققة كانت تلوح في الأفق، في وقت كانت فيه الدول الغربية منشغلة بإغلاق المنافذ الاقتصادية أمام روسيا.

بوتين، الذي قاد روسيا لتفادي الانهيار الاقتصادي رغم العقوبات الدولية القاسية، ظهر في نظر العديد من الشعوب الإفريقية كـ”نموذج مقاومة” أمام الهيمنة، وكقائد يوازن بين “القبضة الحديدية” داخلياً، والانفتاح على شراكات متعددة الأقطاب خارجياً، خاصة مع الصين ودول “البريكس”.

معادلات الردع النووي: هل أصبح بوتين ضمانة لتوازن الرعب؟

لم تكن التهديدات التي تلقّتها روسيا – ومنها تهديدات غير مباشرة بالاغتيال لبوتين – إلا مؤشراً على مدى احتدام الصراع الدولي على النفوذ. غير أن التوازن النووي والحديث عن “اليد الميتة” (وهو نظام الرد النووي التلقائي الروسي) يبقي أي محاولة لاستهداف مباشر لقيادة الكرملين محفوفة بعواقب كارثية عالمية.

تقاطع المصالح وصراع الروايات

في الوقت الذي يسعى فيه الغرب لاحتواء روسيا وإضعافها، تواصل موسكو بناء تحالفات مع قوى ناشئة، بما فيها الدول الإفريقية. كما تعوّل روسيا على الحوار، وإن بشروطها، بينما يرى مراقبون أن الحراك الإفريقي الحالي نحو موسكو وبكين يشكّل بداية تصفية حقيقية للإرث الاستعماري ونظام الهيمنة الغربية.

وبينما ينشغل الغرب بإطالة أمد الحرب في أوكرانيا، تُعيد روسيا رسم خرائط نفوذها من دمشق إلى باماكو، في مشهد دولي باتت فيه الشعوب تبحث عن شركاء لا مستعمرين، وعن قادة لا وكلاء.

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/jdn0

Kaza Aziz

About Author

صحفي مهني مستشار تربوي باحث في سوسيولوجيا التنمية المحلية وسيط اجتماعي مكون في تقنيات التدبير والتسيير المقاولاتي

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.