أطلق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) تحذيرًا عاجلاً من خطر وشيك لوقوع مجاعة في قطاع غزة، في وقت أظهر فيه تقرير أممي آخر أن الجوع لا يزال يطال مئات الملايين حول العالم، رغم تحسّن طفيف في بعض المناطق.
غزة: أزمة إنسانية بلغت حد الانهيار
أشار تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى تجاوز اثنتين من العتبات الثلاث المحددة للمجاعة في أجزاء من غزة، حيث بات أكثر من 500 ألف شخص يعيشون في ظروف تشبه المجاعة، ويواجه باقي السكان مستويات طارئة من الجوع. وتؤكد البيانات أن أكثر من 39% من سكان القطاع يمرّون بأيام متتالية من دون طعام، في ظل انهيار الخدمات الأساسية والقيود على إيصال المساعدات الإنسانية.
وفي مؤشر خطير، تضاعف معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة أربع مرات في غضون شهرين، ليصل إلى 16.5% في مدينة غزة وحدها. وقالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف:
“الأطفال يموتون جوعًا في غزة. هذه كارثة يمكن تجنبها، لكننا بحاجة إلى وصول فوري وآمن للمساعدات.”
أما المؤشر الثالث للمجاعة – الوفيات الناتجة عن الجوع – فأصبح أمرًا شائعًا وفق التقرير، رغم صعوبة الحصول على بيانات موثوقة نتيجة انهيار النظام الصحي.
وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي:
“المعاناة في غزة لا يمكن وصفها. انتظار التأكيد الرسمي على المجاعة قبل إرسال المساعدات أمر غير مقبول. الناس يموتون الآن.”
العالم في مواجهة الجوع: تحسن طفيف لا يخفي الحقائق الصادمة
في سياق موازٍ، أصدرت خمس وكالات أممية تقرير “حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2025“، والذي بيّن أن 673 مليون شخص حول العالم عانوا من الجوع في عام 2024، بانخفاض طفيف عن عام 2023، لكن التقدم لا يزال بطيئًا وغير متكافئ.
فبينما شهدت آسيا الجنوبية وأمريكا اللاتينية تحسنًا في معدلات سوء التغذية، استمرت الأزمة في التفاقم في أفريقيا وآسيا الغربية. وفي أفريقيا، تجاوزت نسبة السكان الذين يعانون من الجوع 20%، أي ما يعادل 307 ملايين شخص.
ويتوقع التقرير أن يعاني 512 مليون شخص من النقص التغذوي المزمن بحلول عام 2030، سيكون 60% منهم في أفريقيا، ما يجعل تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الجوع) أكثر صعوبة.
أسباب تفاقم الأزمة عالميًا: التضخم والصراعات والمناخ
يُبرز التقرير العوامل التي فاقمت أزمة الغذاء والتغذية عالميًا، أبرزها:
- تأثيرات جائحة كوفيد-19،
- الحرب في أوكرانيا،
- التغيرات المناخية القاسية،
- التضخم المتسارع في أسعار الغذاء.
فقد بلغ تضخم أسعار الغذاء ذروته في يناير 2023 بنسبة 13.6%، متجاوزًا التضخم العام. وكان التأثير أشد في الدول منخفضة الدخل، حيث وصلت معدلات التضخم إلى 30%، مما زاد من عدد من لا يستطيعون تحمّل كلفة غذاء صحي.
ورغم انخفاض عدد من يعجزون عن توفير نظام غذائي صحي من 2.76 مليار شخص في 2019 إلى 2.6 مليار في 2024، إلا أن هذا التحسن لم يشمل الجميع، إذ ارتفع العدد في الدول الأفقر، ليصل إلى 545 مليون شخص في 2024.
التغذية: تقدم محدود ومخاوف جديدة
- انخفضت معدلات التقزم لدى الأطفال من 26.4% عام 2012 إلى 23.2% عام 2024.
- ارتفعت معدلات الرضاعة الطبيعية الحصرية إلى 47.8%.
- لكن في المقابل، ارتفعت نسبة السمنة بين البالغين إلى 15.8%، وتفاقم فقر الدم بين النساء ليبلغ 30.7%.
دعوات عاجلة للتحرك
توصي الوكالات الأممية بعدد من الخطوات:
- وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في مناطق النزاع، وخاصة في غزة.
- تسهيل وصول المساعدات الغذائية دون عوائق.
- تنفيذ سياسات مالية واجتماعية تستهدف حماية الفئات الأكثر ضعفًا.
- الاستثمار في الزراعة والبنية التحتية لتحسين الصمود الغذائي.