تدخل الحرب على غزة يومها الـ640 في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الذي لم يترك للنازحين والمجوّعين في القطاع أي هامش للنجاة، حيث أفادت مصادر طبية باستشهاد 26 فلسطينيا في سلسلة غارات شنتها طائرات الاحتلال منذ فجر اليوم الاثنين على مناطق متفرقة، أبرزها دير البلح وخان يونس وحي الصبرة في مدينة غزة، إضافة إلى استهداف منازل تؤوي نازحين في مدارس ومخيمات مكتظة.
الوضع الإنساني في القطاع المحاصر بات أقرب إلى الكارثة، حيث حذرت منظمات إغاثية من انهيار الخدمات الصحية ونفاد الإمدادات الحيوية في المستشفيات، مع عودة تفشي الأمراض المعدية جراء انعدام النظافة وغياب الغذاء والماء الصالح للشرب. ورغم وعود بفتح ممرات إنسانية، لا يزال الحصار مشددا والآليات العسكرية تتقدم نحو مناطق شرق القطاع وسط مقاومة عنيفة من فصائل فلسطينية.
في موازاة التصعيد الميداني، تتسارع جهود الوساطة في العاصمة القطرية الدوحة، حيث بدأ الوفد الإسرائيلي مباحثاته غير المباشرة مع وسطاء قطريين ومصريين وأميركيين، سعيا للتوصل إلى اتفاق تهدئة مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. وقد صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن فرص الوصول إلى صفقة “مرتفعة جدا”، مؤكدا أن واشنطن تدفع بقوة نحو حل يضمن الإفراج عن الرهائن ووقف الحرب مؤقتا.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصل إلى واشنطن بالتزامن مع انطلاق المفاوضات، أجرى مباحثات مغلقة مع مسؤولين في الإدارة الأميركية حول مستقبل قطاع غزة ومرحلة ما بعد الحرب، وسط ضغوط متزايدة من الداخل الإسرائيلي للإسراع بإنجاز صفقة التبادل، خاصة في ظل الاحتجاجات المتواصلة لعائلات الجنود والأسرى في تل أبيب.
ووفقًا لما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي إيال زامير أبلغ المجلس الوزاري الأمني المصغر بأن مواصلة العمليات العسكرية بهذا الشكل ستعرض حياة المحتجزين للخطر، مؤكدا تفضيله التوجه نحو صفقة تبادل بدل التصعيد، وهو موقف نادر يعكس حجم التعقيد الذي بلغه المشهد الإسرائيلي الداخلي بعد أشهر من حرب استنزاف مدمرة وطويلة.
كل المؤشرات القادمة من الدوحة تشير إلى أن الساعات القليلة المقبلة ستكون حاسمة، إما في تحقيق اختراق كبير على مستوى المفاوضات أو في انزلاق الوضع إلى مرحلة جديدة من العنف، قد تكون أكثر كلفة على المدنيين في غزة، الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه سوى حياتهم.
