في مثل هذا اليوم من سنة 1969، كتب المغرب فصلاً جديدًا من فصول كفاحه الوطني باسترجاع مدينة سيدي إفني، إحدى المناطق التي طالها الاحتلال الإسباني، لتُطوى بذلك آخر صفحات الاستعمار في الجنوب، ويقترب الحلم الكبير بوحدة التراب الوطني من التحقق الكامل.
اليوم، وبعد 56 سنة، يستحضر المغاربة، وفي طليعتهم أسرة المقاومة وجيش التحرير، هذا الحدث الوطني المجيد، باعتباره محطة بارزة في تاريخ نضال شعب عُرف بإصراره على السيادة والحرية، وبتمسكه الراسخ بوحدة أراضيه من طنجة إلى الكويرة. ففي سيدي إفني، كما في باقي ربوع الوطن، لم تكن المقاومة فعلاً عابرًا، بل ممارسة يومية للصمود، ورمزًا لجيل لم يعرف الاستسلام رغم سنوات القهر والمناورات الاستعمارية.
الذاكرة الوطنية الجماعية لا تزال تحتفظ بتفاصيل تلك المرحلة الدقيقة، حين اجتمعت الإرادة السياسية للمملكة مع الكفاح الشعبي والمقاومة المسلحة في ملحمة تحريرية جديدة، تُوجت بإجلاء آخر الجنود الإسبان عن المدينة، وسط أجواء من الفخر الوطني والكرامة المستعادة.
وقد دأبت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على التذكير، في كل مناسبة، بالمحطات النضالية الكبرى التي عرفها المغرب إبان فترة الحماية، خاصة الانتفاضات الشعبية التي اندلعت بالأطلس والريف وبمختلف أنحاء البلاد، والتي كانت كلها تؤكد على مطلب أساسي: الحرية الكاملة والاستقلال التام.
سيدي إفني لم تكن فقط موقعًا جغرافيًا تم تحريره، بل كانت رمزًا لعدالة قضية شعب اختار أن يكتب مصيره بيده، وأن يرفض التجزئة والتقسيم، واضعًا نصب عينيه هدفًا واضحًا: استكمال بناء دولة مستقلة، موحدة، وذات سيادة.
واليوم، إذ يستحضر المغاربة هذه الذكرى، فإنهم لا يكتفون فقط بتأمل الماضي، بل يجدّدون التزامهم بمواصلة المسيرة في الحاضر والمستقبل، بنفس الروح الوطنية، دفاعًا عن كل شبر من أرض الوطن، وعن كل قيمة ضحّى من أجلها الأجداد.