تستعد المملكة المغربية لتسجيل حضور بارز ضمن المبادرة الدولية “أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار على غزة”، من خلال مساهمة ميدانية فعالة تشمل سفينتين، إحداهما مغربية خالصة، والثانية مشتركة تضم مشاركين من دول المغرب الكبير، بما فيها المغرب والجزائر وتونس. وتأتي هذه المشاركة في سياق تعبئة إنسانية عالمية تهدف إلى مواجهة سياسة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات، وتسليط الضوء على المأساة المستمرة التي يعيشها سكانه في ظل عدوان متواصل وظروف إنسانية كارثية.
الأسطول الذي يضم مشاركين من أكثر من 44 دولة، من المنتظر أن ينطلق من نقطتين رئيسيتين: الأولى من إسبانيا يوم 31 غشت، والثانية من تونس يوم 4 شتنبر، ويشكل مبادرة جماعية تنضوي تحت لوائها عدة هيئات أممية ومدنية من أبرزها “الحراك العالمي نحو غزة”، و“أسطول الحرية”، و“أسطول المبادرة الشرق آسيوية”، إلى جانب “أسطول الصمود المغاربي”، ويهدف إلى كسر الحصار، وإشراك الشعوب الحرة في فعل ميداني مباشر، وتقديم مساعدات إنسانية رمزية، مع تسليط الضوء على المجازر والانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
المشاركة المغربية التي تم التحضير لها منذ أسابيع، اتسمت بتنوع لافت في التخصصات والمكونات، وهو ما يعكس حجم الإقبال الشعبي والمهني على الانخراط في هذه المبادرة. فوفق ما أفاد به المنظمون، تم اعتماد آلية دقيقة لانتقاء أعضاء الوفد المغربي المشارك، شملت معايير تتعلق بالالتزام بالسلمية، والقدرة على ضبط النفس، وتحمل الضغط واتخاذ قرارات رشيدة في المواقف الصعبة، إضافة إلى الجاهزية النفسية لتحمل مشاق الرحلة البحرية، إلى جانب القيمة الرمزية والإعلامية التي يمكن أن يضيفها كل مشارك ضمن الأسطول الدولي.
ويتوزع الحضور المغربي إلى فريقين رئيسيين؛ الأول يتكون من طاقم إبحار مغربي متكامل يضم رباناً، ومساعد ربان، ومهندساً ميكانيكياً، إضافة إلى أطباء في تخصصات جراحية مختلفة، وأطقم تمريض، وأساتذة جامعيين، وباحثين، وإعلاميين، ومؤثرين، ومهندسين وتقنيين، إلى جانب عدد من الشخصيات الوطنية البارزة والمنسقين. هذا الفريق سيكون على متن السفن التي ستنطلق نحو غزة، ويمثل الواجهة المباشرة للمشاركة المغربية في الأسطول.
أما الفريق الثاني، فهو مخصص للدعم اللوجستي والإعلامي والتعبوي، وسيضطلع بمهام المتابعة الميدانية من خارج الأسطول، مع الحرص على التنسيق بين مختلف المراحل والمكونات، وضمان إيصال الرسائل الإنسانية والسياسية للمبادرة إلى الرأي العام الوطني والدولي.
وكان من المقرر عقد ندوة صحفية من طرف “الحراك العالمي لغزة – المغرب” بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلا أنها أُلغيت نظراً لسفر عدد من المنسقين والمشاركين، وانخراطهم في الترتيبات النهائية المرتبطة بالتكوينات التقنية والتدريبات الميدانية اللازمة قبل الانطلاق.
المشاركون دعوا، من خلال رسائلهم، إلى تعبئة شاملة لدعم هذه الخطوة الميدانية، معتبرين أن نجاح المشاركة المغربية لا يقتصر على الوجود داخل الأسطول، بل يتطلب مواكبة جماهيرية ومجتمعية، من خلال فعاليات ميدانية موازية على امتداد التراب الوطني، وخارجه، وذلك من أجل تعزيز الضغط الشعبي والدولي لكسر الحصار وإدانة الجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
تأتي هذه المبادرة في لحظة دولية دقيقة، حيث تتزايد الأصوات المنددة بالإبادة في غزة، وتتسع دائرة التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، لتُجسد بذلك المشاركة المغربية وجهاً جديداً من وجوه الالتزام الشعبي والإنساني تجاه قضية ظلت تشكل وجدان الأمة ومركز انشغالها التاريخي.