أثارت رسالة الدكتور مصطفى قرطاح، خطيب مسجد الغفران بمدينة القنيطرة، جدلاً واسعاً بعد أن نشرها على حسابه في فيسبوك بتاريخ 25 غشت 2025، موجهاً فيها خطاباً مباشراً إلى مغني الراب المثير للجدل طه الفحصي المعروف بـ”طوطو”. الرسالة، التي اتسمت بنبرة ساخرة ومريرة في آن واحد، اعتبرها كثيرون السبب المباشر وراء قرار توقيف قرطاح من مهمة الخطابة.
في رسالته، هنّأ قرطاح طوطو على ما وصفه بـ”المكانة المرموقة” التي بلغها، مشبهاً حضوره على منصات المهرجانات بخطباء العيد الذين يعتلون المنابر في المساجد، بل واعتبره أكثر تأثيراً، قائلاً إن صوته “حملته الرياح إلى أقاصي المدينة”، في حين أن خطب العيد لم يسمعها كثيرون.
وتوقف الخطيب عند مفارقة لافتة: كيف استطاع فنان أن يملأ عيون وأسماع الجماهير بشاشات العرض وصوت الموسيقى، بينما بقيت خطب المساجد بعيدة عن قلوب الناس، لا يسمعها سوى القليل. وذهب أبعد من ذلك حين اقتبس بيت المتنبي الشهير: “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي…” ليؤكد أن كلمات طوطو وأغانيه باتت أبلغ أثراً من خطب المنابر.
كما أشار قرطاح، بجرأة، إلى أن المهرجانات والفنون باتت تُنسي المغاربة قسوة واقعهم الاجتماعي: من ضعف القدرة الشرائية وارتفاع البطالة إلى أزمات التعليم والصحة، بل وحتى صور زلزال الحوز ومجازر غزة. فالجمهور، في رأيه، يختار العيش في لحظة “الفرح المعلّب” الذي يقدمه الفنانون، بعيداً عن هموم الحياة اليومية.
ولم يخلُ النص من نقد مبطن للمسؤولين، الذين وصفهم بأنهم يتنقلون بين رعاية الحفلات الغنائية وحضور المهرجانات، ثم يرتدون الجلباب الأبيض ويجلسون في حلقات السماع والمديح الديني، في مشهد يجمع بين التناقض والتظاهر بالتقوى.
رسالة قرطاح لم تكن مجرد نص عابر على وسائل التواصل الاجتماعي، بل بدت كصرخة ضد ما رآه ازدواجية في الخطاب العام وتناقضاً بين الدين والفن والسياسة. لكنها في المقابل أثارت ردود فعل قوية، انعكست في قرار رسمي بعزله من خطابة مسجد الغفران، في خطوة فتحت الباب أمام نقاش واسع حول حدود حرية التعبير، ودور الخطباء، وعلاقة الدين بالفن في المغرب.
