الاخبار كلمة الرأي

رؤية ملكية تنير الطريق وعدالة ترابية تبني الوطن

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/kz8s

حمزة كعوشي


ألقى جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، خطابا ساميا بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلائه عرش أسلافه الميامين، جاء بليغا في مضمونه، قويا في نبرته، وحاسما في رؤيته. خطاب لا يقرأ فقط ككلمة رسمية، بل كوثيقة وطنية تؤرخ لمرحلة مفصلية في مسار المغرب الحديث، تؤكد على صواب الاختيارات الاستراتيجية، وتحدد معالم الطريق نحو مغرب أكثر عدلا، وتوازنا، وكرامة.
منذ اعتلائه العرش، اختار جلالة الملك أن يقود المغرب على درب الإصلاح والتنمية والتمكين، بثبات القائد وبعد نظر رجل الدولة. وقد كان هذا الخطاب تأكيدا جديدا على أن ما تحقق من إنجازات اقتصادية كبرى لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة مسار وطني متكامل، استند إلى رؤية ملكية بعيدة المدى، وإرادة صلبة لا تلين.
فقد أشار جلالته، بلغة الواثق، إلى ما أصبح عليه المغرب من مكانة مرموقة على مستوى الاقتصاد الإقليمي والدولي، بفضل دينامية تنموية قوية، شملت قطاعات حيوية كالصناعة، والسيارات، والطيران، والطاقات المتجددة، والسياحة. وأصبح المغرب أرضا جاذبة للاستثمار، وفاعلا محوريا بفضل شبكة من الشراكات واتفاقيات التبادل الحر التي تربطه بأكثر من ثلاثة مليارات مستهلك عبر العالم.
لكن هيبة الخطاب لم تكن فقط في الإشادة بالمنجز، بل في الشجاعة الملكية في الاعتراف بوجود تفاوتات لا تزال قائمة، خاصة في بعض الأقاليم والمناطق الهشة. لقد أكد جلالة الملك – بصراحته المعهودة – أن العدالة الاجتماعية والمجالية تظل من أولويات المرحلة، داعيا إلى تجاوز المقاربات التقليدية، واعتماد نموذج تنموي ترابي مندمج يرتكز على:
• الاستثمار المنتج المولد لفرص الشغل.
• توفير الخدمات الأساسية للمواطنين في كل ربوع الوطن.
• التدبير المستدام للموارد، وعلى رأسها الماء.
• تأهيل المجالات الترابية بما يعيد التوازن بين الجهات.
إنها دعوة ملكية قوية لإطلاق “جيل جديد من برامج التنمية الترابية”، قوامها العدالة، وغايتها الكرامة، ووسيلتها الجهوية المتقدمة. إنها رؤية ملك لا يرضى بنجاح ناقص، ولا بتنمية غير متوازنة، بل بمغرب واحد لا يسير بسرعتين.
وعلى المستوى السياسي، حرص جلالة الملك على تأكيد احترام الاستحقاقات الدستورية، بتوجيهه لإجراء الانتخابات التشريعية لسنة 2026 في وقتها، وفق منظومة قانونية جديدة تعتمد قبل نهاية السنة الجارية. وهي رسالة واضحة للطبقة السياسية: الاستعداد المبكر، والانخراط المسؤول، والتنافس النزيه. فالديمقراطية، في الرؤية الملكية، ليست لحظة اقتراع فقط، بل سلوك دولة ومؤسسات ونخب.
إقليميا، أعاد الخطاب تأكيد موقف المغرب الثابت تجاه الجزائر، حيث جدد جلالة الملك – بسمو أخلاقي رفيع – دعوته الصادقة للحوار والتفاهم، بعيدا عن الحسابات الضيقة والمواقف الجامدة. وجاء التعبير الملكي بليغا حين قال: “لسنا أفضل من أحد، ولا أحد أفضل منا”. إنها دعوة تعلو فوق الخلافات، وتنتصر للمصير المشترك ووحدة شعوب المنطقة.
أما فيما يخص قضية الصحراء المغربية، فقد كان الملك حازما في تجديد موقف المملكة الثابت: لا حل خارج إطار الحكم الذاتي، ولا واقعية خارج مقترح المغرب. وقد أشاد جلالته بالدول الوازنة التي دعمت الطرح المغربي، وعلى رأسها المملكة المتحدة والبرتغال، مما يعكس تزايد الاقتناع الدولي بعدالة الموقف المغربي ومصداقيته.
وفي لمسة وفاء وتقدير، خص جلالته القوات المسلحة الملكية، ومصالح الأمن، ومختلف السلطات الإدارية، بتحية تقدير على تضحياتهم في سبيل أمن الوطن ووحدته، في تناغم يعكس العمق المؤسساتي للدولة المغربية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك.
إنه خطاب مرحلة، وخارطة طريق، وتجديد للعهد مع شعب أبان دائما عن وفائه، وملك جسد دوما قيم القرب، والإنصات، والحكمة.
خطاب يعكس بجلاء أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، قد انتقل من زمن التأسيس إلى عهد الإنصاف والعدالة الترابية، وأن ما تحقق كثير، وما هو آت أعظم بإذن الله.

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/kz8s

الإعلام الأخضر

About Author

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.