كشفت دراسة علمية حديثة، نشرت في مجلة “التخطيط العمراني والمجالي” الصادرة عن المركز الديمقراطي العربي بألمانيا، عن جملة من التحديات التي تواجه اعتماد تقنيات الزراعة الذكية مناخياً في الضيعات الفلاحية المغربية، لا سيما لدى الفلاحين أصحاب الملكيات الصغيرة. ومن بين أبرز الإكراهات التي أوردتها الدراسة: تقلص الأراضي الزراعية، ضعف البنية التحتية للاتصالات، وارتفاع التكاليف التقنية، وهي عوامل تقلّص من فرص التحول نحو نماذج فلاحية مستدامة ومتكيّفة مع التغير المناخي.
وأفاد الباحث محمود أمين بنمومن، من جامعة محمد الخامس بالرباط، أن التوسع العمراني والضغط الديمغرافي يزيدان من صعوبة تبني الزراعة الذكية، خصوصاً في ظل قلق الفلاحين من عدم جدوى الاستثمارات التقنية وغياب الثقة في العائد المتوقع منها. كما حذّر من أن سوء التوزيع المجالي للبنية التحتية الرقمية يفاقم من تعقيد اعتماد التقنيات الحديثة، ويمنع كثيراً من الفلاحين في المناطق النائية من الاستفادة من التحول الرقمي الزراعي.
وتسلط الدراسة الضوء على الجانب المالي، باعتباره تحديًا حاسمًا. إذ أن ارتفاع تكلفة التقنيات الذكية ونُدرة فرص التمويل والائتمان الفلاحي، تعيق بشكل كبير إقبال المزارعين على الاستثمار في هذا النوع من الزراعة. كما يفتقر المغرب، وفق المصدر ذاته، إلى خطة وطنية واضحة لتمويل الانتقال إلى الزراعة الذكية، في وقت يتزايد فيه التحدي المناخي ويشتد تأثيره على المنظومة الفلاحية.
رغم هذه العقبات، تسجل الدراسة بعض النجاحات الجزئية في إدماج تقنيات حديثة كالطائرات بدون طيار، والروبوتات الزراعية، وأنظمة الري الذكية المعتمدة على تحليل بيانات التربة والمناخ. وتبرز أهمية استعمال إنترنت الأشياء (IoT) والبيانات الضخمة في دعم اتخاذ القرار الزراعي وتحقيق استغلال أمثل للموارد الطبيعية. كما يشكل نظام المراقبة الذكية أداة واعدة لتعزيز الإنتاجية وترشيد المياه وتحقيق الاستدامة.
واختتمت الدراسة بتوصيات موجهة لصانعي القرار، تدعو إلى صياغة سياسات فلاحية مرنة ومندمجة، وتكثيف الجهود لتطوير الحكامة الزراعية، مع إشراك الفلاحين الصغار في بلورة الاستراتيجيات. كما شددت على أهمية تحديث السياسات العمومية الحضرية والقروية، لتتلاءم مع متطلبات الزراعة الذكية مناخياً، بما يضمن تحقيق الأمن الغذائي، ورفع القدرة التكيفية للقطاع الزراعي المغربي في مواجهة التغير المناخي.
