الطاقة و البيئة

حنين إلى الماضي أو توغل استيطاني؟

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/b3gn

إيمان بوحزامة

في السنوات الأخيرة، أصبحنا نشهد تحولًا كبيرًا في العلاقات بين المغرب وإسرائيل الصهيونية، لا سيما بعد توقيع الاتفاق الثلاثي الذي فتح أبواب التعاون في العديد من المجالات. ورغم أن هذا التعاون قد يُرى من بعض الأطراف كفرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية، فإن هناك مخاوف حقيقية من أن هذا التقارب يحمل في طياته تبعات ثقافية وسياسية قد تؤثر على الهوية المغربية في المستقبل.

زيارة امرأة يهودية مسنّة إلى منزلها القديم في المغرب، حيث نشأت حتى سن الخامسة عشرة، قد تكون أكثر من مجرد لحظة عاطفية. هي، على الأرجح، تمثل خطوة في مشروع أوسع يتضمن التوغل الاستيطاني الصهيوني في المنطقة. فبينما تُظهر هذه الزيارات في الظاهر عاطفة تجاه الماضي، فإنها قد تكون جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى توسيع النفوذ الصهيوني في المغرب بطريقة هادئة وغير مباشرة.

منذ توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل الصهيونية في ديسمبر 2020، بدأنا نشهد تسارعًا في التوغل الإسرائيلي على مختلف الأصعدة: التعاون في مجالات التكنولوجيا، الطاقة، الزراعة، والتعليم. هذه العلاقات الاقتصادية قد تكون مفيدة على المدى القصير، لكنها تحمل معها خطر بناء وجود اقتصادي وثقافي طويل الأمد يمكن أن يؤثر على هوية المغرب.

التوغل الاستيطاني الصهيوني لا يأتي عبر الأساليب التقليدية التي نعرفها من تاريخ الاستعمار، بل يتم بهدوء وبتدرج. “استيطان ناعم” كما يمكن أن يُسمى، يتسلل إلى نسيج المجتمع المغربي من خلال الاستثمارات الاقتصادية والأنشطة الثقافية، وفي ظل هذا التوسع لا تظهر المخاطر بشكل فوري. مع مرور الوقت، تصبح هذه الوجودات جزءًا من حياتنا اليومية، مما يجعلنا نتأقلم معها من دون أن نلاحظ حجم تأثيرها على المدى البعيد.

في هذا السياق، تأتي زيارة هذه المرأة اليهودية، التي غادرت المغرب في سن مبكرة، لتسهم في خلق نوع من التقارب الثقافي مع ما قد يُرى على أنه عودة للربط بين اليهود المغاربة والمغرب بعد عقود من الفراق. لكن هذه الزيارة، التي قد تبدو بريئة وعاطفية، قد تكون في الواقع خطوة نحو تأسيس وجود صهيوني هادئ في المغرب، يُبنى تدريجيًا عبر ثقافة التعايش الاقتصادي والسياسي دون استفزاز أو ضجيج.


ما يبدو في البداية مجرد زيارات عاطفية أو خطوات دبلوماسية قد تكون جزءًا من مشروع أوسع يهدف إلى إنشاء توغل استيطاني صهيوني في المغرب. بينما لا يبرز هذا التوغل بشكل مباشر، فإن تأثيره سيكون تدريجيًا، يتسلل عبر الاقتصاد، الثقافة، والتعايش الاجتماعي. إذا لم نكن يقظين لما يحدث حولنا، فإننا قد نواجه مستقبلاً يتسم بحضور قوي وصامت لإسرائيل الصهيونية في بلادنا، مما قد يؤثر بشكل غير مرئي على هويتنا وواقعنا السياسي والاقتصادي.

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/b3gn

إيمان بوحزامة

About Author

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.