دخلت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية يومها الخامس، على وقع تصعيد غير مسبوق من الجانبين، وسط مخاوف إقليمية ودولية من انزلاق الوضع إلى حرب شاملة تخرج عن السيطرة.

في تطور لافت، استهدفت الطائرات الإسرائيلية العاصمة طهران مباشرة، فيما وصفه مسؤول في هيئة الأركان بأنه تنفيذ لعمليات في “سماء مكشوفة”، معلنًا أن وقف إطلاق النار يجب أن يتم وفقًا لشروط إسرائيلية “لم تنضج بعد”. هذا التصريح يشي بأن تل أبيب ما زالت ترى في التصعيد وسيلة لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية أبعد من مجرد الرد على الهجمات الإيرانية.

من جهتها، إيران ترد بكثافة نارية غير معهودة، عبر أكثر من 545 عملية نفذها الحرس الثوري بطائرات مسيّرة خلال 72 ساعة فقط، مؤكدًا أن وتيرة العمليات ستتصاعد فجر الثلاثاء. وتبدو طهران، رغم الخسائر، مصمّمة على تأكيد معادلة الردع وتوسيعها.

في مشهد صادم للرأي العام، قصفت إسرائيل استوديوهات التلفزيون الإيراني خلال بث مباشر، ما أدى إلى مقتل عدد من الإعلاميين، في استهداف نادر للإعلام كجزء من المعركة، بينما سارعت قناة “خبر” إلى استئناف بثها، في رسالة رمزية بأن الكلمة لن تُقصف بسهولة.

في المقابل، ارتفعت حصيلة الهجمات الإيرانية داخل إسرائيل إلى 11 قتيلًا و187 مصابًا في آخر موجة قصف، لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 22 قتيلًا وأكثر من 400 جريح منذ اندلاع المواجهة.

أبعاد المواجهة: ما وراء الأرقام والنيران

هذه الحرب ليست مجرد تصعيد عسكري بين بلدين، بل هي إعادة رسم للخطوط الحمراء في المنطقة. إسرائيل تريد تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، وتوجيه رسالة إلى داعمي طهران في محور “المقاومة”، في حين ترى إيران في الرد ضرورة للحفاظ على هيبتها الإقليمية وشرعيتها الداخلية.

لكن الأخطر من كل هذا، هو انكشاف العجز الدولي عن إيقاف النزيف. فلا الأمم المتحدة قادرة على فرض هدنة، ولا القوى الكبرى مستعدة بعد للتدخل الحاسم. وفي ظل هذا الفراغ، يدفع المدنيون الثمن، وتصبح العواصم ساحة للرعب بدلًا من الحوار.

فهل نحن أمام حرب مؤقتة لها أهداف محددة؟ أم أن المشهد الحالي هو مجرد بداية لعصر جديد من المواجهات المفتوحة بين إيران وإسرائيل، بكل ما يحمله من تهديدات للسلم الإقليمي والدولي؟