يستثمر المغرب بشكل مكثف في تكوين طلبة الأقسام التحضيرية، حيث تُقدَّر تكلفة إعداد الطالب خلال سنتين بنحو 100 ألف درهم، دون احتساب مصاريف الإيواء والمعيشة. هذا المسار الصارم والمؤهل يهدف إلى إعداد نخبة من الطلبة لاجتياز المباريات الوطنية الموحدة، للولوج إلى المدارس العليا للمهندسين.

لكن، وبالرغم من هذا الاستثمار الكبير، تطرح المباراة الوطنية المشتركة إشكالية حقيقية: فمصير الطالب يُحسم غالبًا في امتحانات ظرفية لا تعكس دائمًا الكفاءة الحقيقية المتراكمة طيلة سنتين من التكوين المكثف.

ضرورة مراجعة المعايير

في مقابل هذا النموذج، اعتمدت عدة مدارس عليا نظامًا متكاملًا يدمج الأقسام التحضيرية ضمن مسار تكويني موحد يمتد لخمس سنوات مباشرة بعد البكالوريا، ما يُمكّن من تتبع تطور الطالب وتقييمه بشكل شمولي.

لكن مدارس عمومية مرموقة لا تزال تشتغل بنظام ثلاث سنوات فقط بعد الأقسام التحضيرية، دون مساهمتها في تكوين الطالب خلال المرحلة الأولى، ومن بينها:
EMI، ENSIAS، ENSEA، EHTP، INPT، ENSMR، ENSEM، ESI، ISITH، ما يطرح تساؤلات حول عدالة توزيع الفرص، وجدوى استمرار هذا النموذج أمام التحولات الحديثة في التكوين الهندسي.

هدر للكفاءات؟

معايير الانتقاء الحالية قد تُقصي طلابًا نُخَبويين فقط لعدم توفيقهم في مباراة وطنية محدودة زمنًا، رغم اجتيازهم لسنتين من التكوين النخبوي المكلف، ما يُعتبر هدرًا لثروة بشرية ثمينة تحتاجها البلاد بشدة في مشاريعها التنموية.

تكوين المهندس: استثمار استراتيجي

من الواجب إعادة النظر في منظومة الولوج إلى المدارس العليا، وتثمين المسار الكامل للطالب، باعتبار تكوين المهندس استثمارًا استراتيجيًا في الرأسمال البشري المغربي، لا يُمكن تركه رهينًا بلحظة امتحان.