أنهى مجلس المنافسة حالة الغموض التي خيمت لسنوات على أرباح موزعي المحروقات بالمغرب، بكشفه عن هوامش ربحية مرتفعة خلال سنة 2024، مما يؤكد الطابع الربحي العالي لهذا القطاع، رغم استمرار التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية التي تشهدها الأسواق الدولية للطاقة.
وحسب التقرير الفصلي الأول لعام 2025 الصادر عن المجلس، والذي تضمن تحليلاً شاملاً لمؤشرات الأداء المالي لشركات توزيع الكازوال والبنزين المعنية باتفاقات الصلح مع المجلس، فقد بلغ رقم المعاملات الإجمالي لسوق المحروقات ما مجموعه 77.9 مليار درهم خلال سنة 2024، موزعة على تسع شركات رئيسية تهيمن على السوق الوطنية.
وسجلت هذه الشركات صافي أرباح بلغ 2.3 مليار درهم، وهو ما يمثل هامش ربح صافٍ قدره 2.9% في المتوسط على مستوى السوق ككل. وتُترجم هذه النسبة إلى 43 سنتيمًا عن كل لتر من الكازوال، و61 سنتيمًا عن كل لتر من البنزين، ما يعزز فرضية استفادة الفاعلين في القطاع من هوامش ربح مريحة حتى في ظل تذبذب الأسعار العالمية.
سوق تنافسي أم تركيز شبه احتكاري؟
بحسب التقرير، يظل القطاع موزعًا بين عدد محدود من الشركات، ما يثير تساؤلات حول طبيعة المنافسة في هذا المجال. وأشار مجلس المنافسة إلى أن ارتفاع الأرباح تحقق في سياق شهد انخفاضًا طفيفًا في أسعار الاستيراد، دون أن يُترجم ذلك إلى انخفاض موازٍ في أسعار البيع للمستهلك النهائي، وهو ما يطرح إشكالات تتعلق بالشفافية وتكافؤ الفرص في السوق.
أثر مباشر على المستهلك وثقة الرأي العام
يرى مراقبون أن هذه المعطيات الجديدة قد تعيد إشعال الجدل حول تسقيف الأسعار أو إعادة تنظيم القطاع، خصوصًا في ظل الضغط المتزايد على القدرة الشرائية للمواطنين، وغياب الدعم المباشر لأسعار المحروقات بعد إلغاء صندوق المقاصة سنة 2015. كما يتوقع أن يعيد التقرير النقاش حول مدى التزام الشركات بمبادئ المسؤولية الاجتماعية وتحقيق توازن بين الربح المشروع وخدمة الصالح العام.
المجلس يدعو للشفافية والمراجعة الدورية
وفي سياق متصل، دعا مجلس المنافسة إلى ضرورة تعزيز آليات الضبط والرقابة على تطور الأسعار وهوامش التوزيع، مع تحسين مستوى الشفافية في نشر المعلومات المتعلقة بالتكاليف والربح، قصد استعادة الثقة وضمان عدالة الأسعار في السوق.