الاخبار سياسة

تصريحات رئيس الحكومة تشعل الجدل حول علاقة السياسة بالاقتصاد في المغرب

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/5vbw

أثارت تصريحات رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال جلسة برلمانية حديثة، جدلاً واسعاً بعد أن حملت في طياتها إشارات اعتُبرت تهديداً مباشراً للمقاولين الذين يعارضون الحكومة، ملمحاً إلى إمكانية منعهم من الاشتغال داخل التراب الوطني. هذا النوع من التصريحات، الذي لم يسبق له مثيل في الخطاب السياسي المغربي المعاصر، أعاد إلى الواجهة إشكالية التداخل بين السلطة السياسية والمصالح الاقتصادية، وأثار تساؤلات حول مستقبل مناخ الأعمال والاستثمار بالمملكة.

التصريح، الذي فُسر على نطاق واسع بأنه محاولة لترهيب الخصوم الاقتصاديين، يعكس نوعاً من التوتر بين الحكومة وبعض الفاعلين في القطاع الخاص، في وقت يتطلب فيه السياق الوطني تعزيز الثقة بين الطرفين من أجل مواجهة تحديات التنمية والاستعداد للاستحقاقات الدولية، وعلى رأسها احتضان كأس العالم 2030. ويرى متتبعون أن هذه اللهجة غير المسبوقة قد تؤثر سلباً على بيئة الاستثمار بالمغرب، وتفتح الباب أمام هيمنة منطق الولاء السياسي على منطق الكفاءة والمهنية.

يأتي هذا في سياق أوسع تعاني فيه الجماعات المحلية والمجالس الإقليمية من عجز واضح في تنزيل السياسات العمومية، رغم الميزانيات المهمة المرصودة لها. عدد كبير من المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقتها الدولة تم تفويض جزء منها للهيئات المنتخبة، غير أن الواقع أثبت محدودية هذه الأخيرة في التنفيذ، بسبب ضعف الكفاءة السياسية، وتفشي الصراعات الداخلية، وانعدام الرؤية الاستراتيجية.

وفي ظل هذا الوضع، تتزايد إشارات المواطنين وثقتهم في مؤسسات الدولة المركزية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، التي ما فتئت تتدخل لتصحيح المسارات التنموية المتعثرة، عبر مشاريع جريئة ذات أثر ملموس على الأرض. هذا التدخل الإداري المتكرر يعكس، بشكل غير مباشر، فشلاً بنيوياً في الممارسة السياسية من قبل عدد من الأحزاب والمنتخبين، الذين باتوا في كثير من الأحيان عبئاً على الدينامية التنموية بدل أن يكونوا رافعة لها.

المشكلة لا تتوقف عند الأداء فقط، بل تمتد إلى بنيات التفكير الحزبي، الذي صار عاجزاً عن إنتاج نخب مؤهلة ومشاريع مجتمعية واقعية. هذا العجز سمح بتغول منطق المال السياسي، وتفشي مظاهر الزبونية والمحسوبية، وتضخم النرجسية السياسية على حساب المصلحة العامة. ورغم الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن الشفافية والمحاسبة، فإن الواقع يعج بالاستثناءات التي تعطل مسار الإصلاح وتكرس الريع.

المغرب اليوم يقف أمام مفترق طرق حاسم: إما أن يستثمر فرصته التاريخية نحو نهضة اقتصادية وتنموية حقيقية، أو يستسلم لصراعات نخب محدودة المصالح. التصريحات الأخيرة، التي أثارت هذا الجدل، قد تكون مناسبة لمساءلة العمق السياسي والاقتصادي لمنظومة الحكم، وإعادة النقاش إلى أساسه: أي نموذج تنموي نريده؟ ومن يملك الكفاءة والأهلية لتفعيله؟ وهل سيتسع الفضاء الديمقراطي للاختلاف البنّاء، أم ستُختزل الدولة في خطاب سلطوي يُقصي كل من لا يدخل تحت عباءته؟

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/5vbw

الإعلام الأخضر

About Author

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.