عرضت مؤسسة وسيط المملكة تقريرها السنوي أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، حيث كشفت عن استقبالها 9515 تظلماً خلال عامي 2022 و2023، بزيادة تفوق 29% مقارنة مع السنوات السابقة. هذا الارتفاع يعكس من جهة تصاعد الثقة الشعبية في المؤسسة، لكنه يبرز من جهة أخرى استمرار اختلالات بنيوية في تدبير شؤون المواطنين من قبل الإدارات العمومية.
وسجلت وزارة الداخلية الرقم الأعلى من التظلمات، بـ 1660 تظلماً في سنة 2023، مقابل 1365 تظلماً سنة 2022، أي بنسبة زيادة تقارب 21.6%. وجاء بعده قطاع العدالة بـ 1153 شكاية، ثم قطاع الاقتصاد والمالية بـ 786 تظلماً، في حين عرفت وزارة التربية الوطنية بدورها زيادة بنسبة 15.63%. وتكشف هذه الأرقام استمرار مشاكل الولوج للحق والخدمة داخل هذه القطاعات الحساسة.
ورغم العدد الكبير من الشكايات، تمكنت المؤسسة من معالجة 95.85% من التظلمات الواردة خلال السنتين، أي 9267 ملفاً موزعاً بين 4116 في 2022 و5151 في 2023. وأصدرت 2829 قراراً بتسوية النزاعات، بنسبة نمو بلغت 14.02% مقارنة بالسنة السابقة، بينما بلغ عدد قرارات الحفظ 4513، مع وجود عدد من التظلمات التي تم رفضها بسبب عدم الاختصاص أو غياب الشروط القانونية.
وكشف التقرير عن تردد واضح لدى بعض الإدارات في تفعيل تلك التوصيات، ما يهدد فعالية مؤسسة الوساطة. إذ بلغ عدد التوصيات 439 في عام 2022 و 297 فقط في 2023، وهو تراجع لافت. ودعا الوسيط إلى تعزيز آليات التتبع والمساءلة وخلق ثقافة إدارية جديدة تحترم القرارات المؤسساتية وتعيد للمواطنين ثقتهم في المرفق العمومي.
خلص التقرير إلى أن ارتفاع التظلمات يحمل دلالة مزدوجة: فهو دليل على ثقة المواطنات والمواطنين في مؤسسة الوسيط، لكنه في الآن ذاته يعكس استمرارية الخلل الإداري وضعف التجاوب المؤسساتي. وتشير هذه الوضعية إلى الحاجة الملحة إلى إصلاحات جذرية في تدبير الشكايات، وتحقيق عدالة إدارية منصفة، لضمان فعالية الوساطة وحماية حقوق الأفراد.