الاخبار سياسة

تحديات الحق في السكن بالمغرب: قراءة في التقرير السنوي لحقوق الإنسان 2024

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/5q6d

تعتبر السياسات الإسكانية في المغرب أحد المواضيع التي تثير جدلاً كبيرًا، خاصة بعد تقديم التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان لعام 2024، الذي قدمته الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، والذي ويبرز مشكلات متعددة تتعلق بالحق في السكن اللائق، الذي يشكل حقًا دستوريًا وإنسانيًا. من خلال تحليل التقرير، يتضح أن الأزمات المرتبطة بالإسكان ليست مجرد مشاكل تقنية، بل إنها نتيجة لسياسات غير مدروسة وسوء تدبير موارد الدولة. وأحد أبرز الجوانب التي تم تسليط الضوء عليها هو عمليات هدم المنازل في الأحياء العشوائية دون توفير تعويضات عادلة أو حلول بديلة للمتضررين.

 

موجات هدم المنازل وتأثيرها على السكان
تشهد عدة مدن مغربية، مثل الدار البيضاء والقنيطرة وتمارة، موجات من هدم المنازل الصفيحية ضمن إطار برنامج “مدن بدون صفيح”. ومع ذلك، فإن هذه العمليات غالباً ما تكون دون تعويضات كافية أو سكن بديل، مما يؤدي إلى احتجاجات واسعة واستياء عام. على سبيل المثال، في القنيطرة، تم هدم أكثر من 2715 منزلًا صفيحيًا في دوار الحنشة وبئر الرامي، حيث عبر السكان عن غضبهم بسبب عدم توفر بدائل حقيقية. ولذلك، يُوصى بإعادة النظر في هذه السياسات واعتماد مقاربة اجتماعية تراعي حقوق المتضررين وتضمن تحقيق العدالة الاجتماعية.

الفساد في مؤسسات الإسكان وتأثيره على المشاريع
تكشف تقارير التقرير عن وجود فساد ممنهج في المؤسسات الرسمية المسؤولة عن مشاريع الإسكان الاجتماعي، وعلى رأسها شركة العمران. فقد تورط عدد من المسؤولين في قضايا فساد مع مقاولين مقربين، مما أدى إلى تعطيل العديد من المشاريع الإسكانية وزيادة المعاناة بالنسبة للسكان. ولحل هذه المشكلة، يجب تعزيز الشفافية والمحاسبة داخل هذه المؤسسات من خلال تدقيق مالي دوري وإجراءات رقابة صارمة. كما ينبغي فرض رقابة برلمانية وقضائية على الصفقات العقارية لضمان عدم استغلال الموارد العمومية لمصالح خاصة.

سيطرة اللوبيات العقارية وضرب حقوق الفئات المتوسطة
أحد أهم العوامل التي أسهمت في تفاقم أزمة السكن بالمغرب هو سيطرة اللوبيات العقارية الكبيرة على السياسات الإسكانية. حيث تحصل هذه الشركات على تسهيلات ضخمة، مثل الأراضي بأسعار رمزية والإعفاءات الضريبية، بينما يتم حرمان الفئات المتوسطة وصغار الموظفين من سياسات دعم فعالة. نتيجة لذلك، أصبح امتلاك سكن لائق أمرًا صعبًا لهذه الفئات. وبالتالي، يجب فرض ضرائب تصاعدية على المنعشين العقاريين الكبار وإعادة هيكلة برامج الإسكان الاجتماعي لتشمل الفئات ذات الدخل المتوسط.

غياب سياسات إسكانية عادلة لصغار الموظفين والفئات المتوسطة
يشير التقرير إلى غياب سياسات إسكانية عادلة تستهدف الفئات المتوسطة وصغار الموظفين، الذين يتحملون العبء الأكبر من الضرائب والقروض السكنية المرهقة. في الوقت نفسه، لا توجد برامج واضحة لتوفير سكن لائق بأسعار مناسبة لهذه الفئة. لمعالجة هذه المشكلة، يُوصى بتخصيص بقع أرضية بأسعار رمزية لهذه الفئات وإطلاق مشاريع إسكانية خاصة بهم بأسعار معقولة ودون مضاربات عقارية. كما يجب إعادة النظر في الضرائب العقارية لتخفيف العبء عن هذه الفئات.

خروقات برنامج “مدن بدون صفيح” وتوصيات لمعالجتها
على الرغم من إطلاق برنامج “مدن بدون صفيح” سنة 2004 بهدف القضاء على السكن غير اللائق، إلا أن هذا البرنامج لا يزال يعاني من اختلالات عديدة. ومن أبرز هذه الخروقات استمرار وجود دور الصفيح في العديد من المدن، تأخر تسليم الوحدات السكنية، وغياب الشفافية في توزيع السكن البديل. لذلك، يُوصى بتعزيز الشفافية والرقابة على تنفيذ البرنامج، تسريع تسليم الوحدات السكنية، وتحسين جودة السكن البديل. بالإضافة إلى ذلك، يجب إشراك المجتمع المدني في عملية التخطيط والتنفيذ لضمان شفافية البرنامج وفعاليته.
، يتضح من التقرير أن أزمة السياسات الإسكانية في المغرب تتطلب إصلاحات شاملة وسريعة لضمان الحق في السكن اللائق لكل المواطنين. ويجب أن تشمل هذه الإصلاحات محاربة الفساد، الحد من سيطرة اللوبيات العقارية، ووضع سياسات إسكانية عادلة تستهدف الفئات المتوسطة وصغار الموظفين. فقط من خلال هذه الجهود يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وضمان الوفاء بالتزامات المغرب الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/5q6d

عبدالعالي الشرفاوي

About Author

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.