أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المغرب جعل من إفريقيا حجر الزاوية في سياسته الخارجية، انطلاقًا من الرؤية الاستراتيجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية بالعاصمة البحرينية المنامة، تحت شعار “نحو وضع أسس دائمة للاستقرار والأمن في إفريقيا”، حيث شدد على نهج المملكة القائم على تعزيز السلم، واحترام وحدة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
أوضح بوريطة أن المغرب يتبنى رؤية شمولية تربط بين الأمن والتنمية، معتبرًا أن المقاربات الأمنية البحتة غير كافية لمواجهة التحديات الإفريقية المعقدة. وأشار إلى إيمان جلالة الملك بإمكانات القارة رغم الصعوبات، مؤكدًا أن المملكة تركّز على تقديم حلول مستدامة بدلًا من الإجراءات المؤقتة، مع دعم مشاريع تنموية مباشرة تُحسّن حياة المواطنين في مجالات الصحة والتعليم والسكن.
استعرض الوزير أبرز المبادرات المغربية الداعمة لإفريقيا، منها إلغاء ديون الدول الأقل نموًا عام 2000، وإزالة الرسوم الجمركية عن منتجاتها، وإنشاء ثلاث لجان مناخية لمواجهة التغيرات البيئية. كما ذكر مبادرة “A3” للأمن الغذائي التي أصبحت مرجعًا دوليًا، إلى جانب عقد قمة العمل الإفريقية عام 2016، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تعكس التزامًا عمليًا بتحقيق المصالح المشتركة، وليس مجرد شعارات سياسية.
تطرق بوريطة إلى أحد محاور السياسة الإفريقية للمغرب، وهو وضع الإنسان في صلب التعاون، حيث أكد أن زيارات الملك المتكررة للقارة عززت العلاقات مع شعوبها وقادتها. وأوضح أن المشاريع المشتركة تركّز على تنمية القدرات البشرية، مثل تدريب الأطر الطبية وتوفير البنية التحتية الأساسية، ما يسهم في تحسين الظروف المعيشية للمجتمعات المحلية بشكل مباشر.
أكد الوزير أن انتماء المغرب لإفريقيا ليس اختيارًا ظرفيًا، بل هو جزء من هويته الجيوسياسية والثقافية، مشددًا على أن استقرار المملكة مرتبط باستقرار القارة، وتنميتها تعتمد على تنمية شركائها. وقال: “إفريقيا ليست جوارًا جغرافيًا فحسب، بل هي امتداد طبيعي لتاريخنا ومصيرنا المشترك”، معتبرًا أن تواجد المغرب في قلب الأولويات الإفريقية أمرٌ منطقي يُعزز المصالح المتبادلة.
في سياق متصل، أشاد بوريطة بدور البرلمانات الإفريقية كقوة اقتراحية في مواجهة التحديات الدولية، معتبرًا منتدى رؤساء لجان الشؤون الخارجية خطوة نحو تعزيز الدبلوماسية البرلمانية. وأوضح أن هذه المؤسسات تمثل صوت الشعوب، وتُعد شريكًا أساسيًا في صياغة سياسات تدعم الاستقرار والازدهار، خاصة مع التحولات العالمية المتسارعة التي تتطلب آليات عمل مبتكرة.
اختتم وزير الخارجية المغربي كلمته بالتأكيد على أن التعاون الإفريقي يجب أن يرتكز على الشراكة الحقيقية، معتبرًا أن المنتدى فرصة لتبني رؤى مشتركة تعالج قضايا مثل الأمن الغذائي والتغير المناخي. ودعا إلى توحيد الجهود لبناء مستقبلٍ يُلبي تطلعات الأجيال الحالية والقادمة، مع الحفاظ على الهوية الإفريقية الموحدة في ظل التحديات العالمية المتزايدة.