أصدرت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، يوم الأربعاء 17 يوليوز 2025، قرارًا تذكيريًا موجّهًا للقناة الثانية (دوزيم)، على خلفية بثها لحفل الفنان المغربي “طوطو” ضمن فعاليات مهرجان “موازين”. القرار جاء بعد تلقي الهيئة أزيد من 190 شكاية تقدّم بها مواطنون عبّروا عن استيائهم من “محتوى غير لائق” تم بثه على قناة عمومية.
ورغم أن الهيئة لم تقرّر فرض أي جزاءات على القناة، إلا أنها نبّهت إلى ضرورة مراعاة مبدأ التناسب بين مضمون البرامج والجمهور المستهدف، خصوصًا في إطار الإعلام العمومي الذي يفرض التزامات خاصة. وأشارت الهيئة إلى أن توقيت البث (23:05) لا يعفي القناة من مسؤولية اختيار المحتوى بما يحترم القيم المجتمعية، دون المساس بحرية التعبير أو الإبداع الفني.
وأكّد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أن اختصاصات الهيئة لا تشمل تقييم أو منع الأعمال الفنية، بل تقتصر على ضمان التوازن القانوني والقيمي في البث العمومي. كما شدّد على أن الإعلام يجب أن يظل منفتحًا على مختلف الأذواق الثقافية، لا سيما تلك المرتبطة بجيل الشباب، دون الوقوع في الرقابة أو التوجيه الإيديولوجي للمحتوى.
في المقابل، عبّر عدد من المشتكين عن امتعاضهم من قرار الهيئة، معتبرين أنه “يتغاضى عن تجاوزات خطيرة تمس القيم والأخلاق”، وفق تعبير حسن حمورو، أحد أبرز المتقدمين بالشكاوى. وأوضح حمورو أن الهدف لم يكن مهاجمة الفنان شخصيًا، بل الاعتراض على عرض عبارات نابية في قناة مموّلة من المال العام، متهمًا الهيئة بـ”التساهل وعدم تفعيل القانون بالشكل المطلوب”.
هذا، وقد دعا حمورو إلى تعديل الإطار القانوني المنظّم للهيئة العليا، بما يمنحها سلطات رقابية أكثر صرامة على أداء القنوات العمومية، مؤكداً على ضرورة تأسيس تنظيم جمعوي لمتابعة مدى احترام دفاتر التحملات. واعتبر أن مثل هذه المتابعات المدنية تمثل إحدى السبل المشروعة لحماية المجتمع من محتوى يراه البعض “خادشًا للحياء الجماعي”.
بين الحق في الإبداع وواجب احترام القيم المجتمعية، يظل قرار الهيئة محط نقاش واسع بين مؤيدين يرون فيه دفاعًا عن الحريات، ورافضين يطالبون بضمان التوازن بين الفن والذوق العام في الفضاء الإعلامي العمومي. وهو نقاش يُتوقع أن يحتدم أكثر في ظل تزايد انفتاح المغرب على تعبيرات فنية جديدة وتطور المشهد السمعي البصري.
