إقتصاد الاخبار

المغرب في قلب معركة إصلاح النظام المالي العالمي: مشاركة وازنة في مؤتمر تمويل التنمية بإشبيلية

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/lyrx

في لحظة حاسمة من التحولات الاقتصادية العالمية، حلّ رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، بمدينة إشبيلية الإسبانية ممثلاً للملك محمد السادس في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، المنعقد تحت رعاية الأمم المتحدة. المشاركة المغربية تأتي في سياق بالغ الأهمية، حيث تواجه الدول النامية عجزًا تمويليًا مهولًا يهدد تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، ويكشف عن فجوة متزايدة في الإنصاف المالي الدولي.

أخنوش الذي كان ضمن وفد يضم وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، والسفير عمر هلال، وسفيرة المغرب في مدريد كريمة بنيعيش، انضم إلى رؤساء دول وحكومات من مختلف القارات، في لحظة نادرة من التقاء المصالح حول ضرورة إصلاح بنية التمويل العالمية. لكن التحدي يتجاوز مجرد الحضور، فالمملكة، من موقعها كشريك موثوق ومتوازن، تضع نفسها في قلب النقاش حول مستقبل السيادة الاقتصادية للدول الإفريقية والنامية.

المؤتمر الذي يستمر إلى غاية الثالث من يوليوز، يسعى إلى بلورة “إلتزام إشبيلية”، وهو إعلان سياسي مقترح يرمي إلى إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، وتمكين بنوك التنمية من التوسع في الإقراض، وتعزيز الشفافية الضريبية، والحد من الفجوات التي تسمح بالتهرب المالي على نطاق دولي. ورغم أن هذا الطموح يواجه اعتراضات من بعض القوى الكبرى، إلا أن الزخم السياسي من بلدان الجنوب، ومن ضمنها المغرب، يفرض نفسه اليوم كقوة تصحيحية حقيقية.

الغياب الأمريكي عن القمة، لأسباب تتعلق بخلافات على صيغة الإعلان النهائي وبعض القضايا الجندرية، لم يُضعف من وتيرة النقاشات ولا من رمزية الحدث. بل على العكس، منح مساحة أوسع للدول الصاعدة لعرض رؤيتها بشأن العدالة الاقتصادية، وإعادة التوازن في علاقات التمويل بين الشمال والجنوب.

وتعكس مشاركة المغرب التزامًا استراتيجيًا متواصلاً بتقوية حضور المملكة داخل المنتديات متعددة الأطراف، ليس فقط كمدافع عن قضايا إفريقيا، ولكن أيضًا كمحاور يُعتمد عليه في المفاوضات المعقدة التي تمس النظام العالمي. إنها لحظة تستدعي عقلانية في القرار، وجرأة في الطرح، وهي اللحظة التي اختارت فيها المملكة أن تكون ضمن من يضعون التصور، لا من ينتظرون النتائج.

في نهاية المطاف، لا يتعلق الأمر فقط بمؤتمر دولي أو إعلان سياسي؛ بل بمعركة طويلة من أجل إعادة صياغة العلاقة بين التنمية والسيادة، بين التمويل والعدالة، بين من يملك الأدوات ومن يسعى للحصول على فرصة. وفي هذه المعادلة الدقيقة، يبدو أن المغرب يخطو بثقة نحو موقع فاعل، لا تابع، في مستقبل الاقتصاد العالمي.

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/lyrx

إيمان بوحزامة

About Author

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.