في قرار تاريخي صدر في 4 أغسطس 2025، قضت المحكمة الدستورية المغربية بعدم دستوريوية أكثر من 30 مادة من مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 23.02 الذي صادق عليه البرلمان في يونيو الماضي. اللجنة الدستورية أشارت إلى أن مواد مثل المادة 17 المتعلقة بصلاحيات النيابة العامة ومواد 84 و90 و107 وغيرها تمس بمبادئ أساسية كاستقلال القضاء والأمن القضائي وضمانات الدفاع.
يأتي هذا القرار في إطار الصلاحيات المحددة دستورياً للمحكمة التي لا يُمكن الطعن في أحكامها وتُلزِم السلطات التشريعية والتنفيذية بتنفيذها فوراً. وقد أشار قرار المحكمة (رقم 255/25) إلى أنها لم تفحص كامل النص، بل ركزت على المقتضيات المتعارضة بوضوح مع الدستور.
الخطوة المقبلة تتلخص في إعادة إحالة مشروع القانون إلى البرلمان بغرفتيه، حيث سيبدأ لجنة العدل والتشريع مناقشات تقنية لتعديل الفقرات الملغاة بما يتماشى مع تعاليق المحكمة. ثم يعرض النص المعدّل مجددًا للبرلمان للتصويت، قبل أن يُحال إلى مجلس المستشارين. ويجب ألا تقتصر التعديلات على الشكل؛ بل لابد أن تكون جوهرية لضمان عدم الطعن مجددًا.
وفي حال اعتُبرت التعديلات جوهرية، فإن الدستور يتيح إعادة إحالة المشروع إلى المحكمة الدستورية، سواء تلقائيًا أو بطلب من رئيس الحكومة، أو رؤساء إحدى الغرف، أو من طرف خمس أعضاء بالمجلسين. بهذا ستُتاح الفرصة لضمان توافق النص مع الضمانات الدستورية حماية لحقوق المتقاضين ومنع ثغرات مستقبلية.
في حال تم إقرار المشروع بصيغته المعدلة دون اعتراض، تعود الأمانة العامة للحكومة لإعداده للنشر في الجريدة الرسمية. ثم يدخل القانون حيز التنفيذ بعد انقضاء الأجل المحدد (عادة بين ستة أشهر إلى سنة حسب نوعية التعديلات)، ليشكل محورًا أساسيًا في إصلاح المنظومة القضائية في المغرب ودعم العدالة المجتمعية.