بقلم محمد كندولة
سؤال مهم جدا في وقت اختلطت فيه الأمور وتشعبت الآراء، يجيب الدكتور علي الوردي في كتابه الممتع ” خوارق
اللاشعور فيقول: المُتعلِّم : هو مَن تعلّمَ أموراً لم تخرج عن نطاق الإطار الفكري الذي اعتاد عليه منذ صغره ، وهو قد آمن برأي ما ، وأخذ يسعى إلى المعلومات التي تؤيده ، وتُحرّضه على الكفاح في سبيله. والمُثقف : هو من يمتاز بمرونة رأيه وباستعداده لتلقي كل فكرة جديدة ، والتأمّل فيها ، فيأخذ وجه الصواب منها.والمقياس الذي نقيس به ثقافة شخص ما : هو مبلغ ما يتحمل هذا الشخص من آراء غيره المخالفة لرأيه”.
هذا التعريف مهم جدا إذا ما علمنا أن اتساع دائرة المعرفة والعلم هي من العوامل الموضوعية التي يجب أخذها بعين الاعتبار ،فخيار الاستعلاء والعزلة عن العالم وعن الآخرين من المثقفين خيار غير صائب. فالانفتاح على العالم وعلى الثقافات الأخرى بما تحتوي من حقائق هو السبيل الأوحد للمواجهة، نقرأ ما يقرأون، نطالع ما يكتبون، نقرأ لهم ونقرأ ضدهم ، هي منهجية فريدة او لنقل أصيلة بها نحاور الشرق والغرب بلسان حالهم والنتيجة ستكون تمكننا من استعمال وبجدارة وعلم أدوات العولمة وتقنياتها الحديثة مع الإحاطة بانعكاساتها على الاقتصاد والسياسة والاجتماع البشري. فلنا من المقومات ما يمكن أن نوقف بها الحملات.
فالاسلام ديننا دين التغيير والتجديد ، دين التعمير و التنوير ،أما العودة إلى الرحم فغير ممكنة أبدا إلا بطريق واحد هو التأصيل والتأسيس ثم البناء على قواعد الهوية الإسلامية. ورغم ذلك يجب ان نقبل الإختلاف ونقر به اعترافا وتقديرا ، ولهذا رغم قبولنا مع احترامنا الكامل للآراء الطيبة لمن يؤمن يقينا في كون السبب الأساسي في عدم القدرة في استعادة أمجادنا الراشدة مثلا هو سرعة الفتوحات الإسلامية ، باعتماد النموذج الإمبراطوري السائد في الحكم والإدارة ، وكذا انشطار الثنائيات في الفكر الإسلامي والفعل الحضاري، فيمكن أن نضيف ،أن هناك سببا آخر قوي ، هو الثقافة البدوية التي تعمتد على العصبية القبلية و التي تعطي للشيخ المكانة والريادة في التسيير الشيء الذي أضعف النفس الشورى والديموقراطي في الحياةالعامة، كما أقره الاسلام،زيادة على انتشار الفكر الخرافي ، خصوصا حينما اعتمد الدين أساسا في التفسير والتقرير، زيادة على ذلك امتهان المرأة بشيوع التعدد بدون حاجة ،وما هو إلا امتهان واسترقاق من أجل الخدمة والسخرة، وكلها كانت أساليب بدوية مخالفة لمنهج الدين الإسلامي التصحيحي حينا والثوري حينا آخر ، ولهذا نقول ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين؛ إن اتساع دائرة المعرفة والعلم هي من العوامل الموضوعية التي يجب أخذها بعين الاعتبار ،وخيار العزلة عن العالم خيار غير صائب.
ومن الصور البئيسة هي حالنا اليوم الذي “أصبح مع الديمقراطية وحرية الرأي ، أشبه بحال الخطيب الذي نصح الناس بالصدقة والإحسان للفقراء، فلما تصدق ولده بما في البيت نهره أبوه قائلا: أنا لم أقصدك وإنما نصحت الآخرين ” هو كلام نفيس للدكتور إدريس الكتاني في كتابه الماتع : المغرب المسلم في مواجهة اللادینیّة. كتبه سنة 1957. ال
خلاصة التي نخرج بعد التشخيص هي ان المشكلة عندنا قديمة جدا.
تحياتي اللهم سلم.