محمد كندولة
الإنسان والتحولات المجتمعية أمام هذه التحولات والتي تسهم في التفكك الإجتماعي ، وطغيان سبيرانية الإنسان الرقمي، حيث أصبح الهاتف أحد أعضائه، وأمام قوة الإقتصاد وتغوله، وسطوة المال على الفكر، تحول الإنسان إلى رجل حساب، يدقق في جميع الأرقام، والمجاميع، وأمام سلطة الرقمنة التي أصبحت عنوان الوجاهة الإجتماعية وهوية الفرد والمجتمع، ازدادت المخاطر بتدمير الذوات بإنتاج سلطة المال وقوة الرأسمال ، فأصبح الكل لا يشعر بالأمن المطلق: الدول، والجماعات، بسبب الاختراقات السيبرانية، وأصبح الإنسان عاريا، بل كل الناس أصبحوا عراة في الصفائح والمواقع والصفحات الفايسبوكية، حتى المحافظين و الملتزمين بدأوا يتخلون شيئا فشيئا عن هويتهم التقليدية ليدخلوا مرغمين تحت صروح الحداثة.
مشاريع للإصلاح فاشلة: لقد قامت عدة مشاريع للإصلاح بعد الانهزامات المتتاليةمحليا واقليميا، جهويا ووطننا ، وازدادت السلطوية من حروبها، أمام حركات الاحتجاج الإجتماعية. فماهو الدور المطلوب من المثقفين والدعاة الجدد؟ فإذا كان السياسيون قد تشرذموا وتوزعوا إلى على خانات ثلاثة: خانة المنبطحين، وخانة المعارضين، وخانة الحياديين الذين حبذوا العقيدة الانسحابية، وأسلوب الصمت، وفن اللاموقف، ومظلة التفرج، وهم الأغلبية الساحقة، فإن المثقفين قد استمروا في التلبس الإيديولوجي تأييدا ومعارضة، ومنهم من اهتم بالبحث العلمي السجالي منه والرقمي، ومنهم من اعتمد الصمت والترك. وأمام هذا السكوت المطبق لهؤلاء، ظهر فاعلون جدد في لبوس متعددة، كالدعوة والثقافة والفن، وهم النشطاء الرقميون بجيوشهم من الهجينيين يتكلمون في كل شيء وفي لاشيء، ونجد كذلك الإعلاميين الذين تركوا دورهم في التثقيف والأخبار، والتجؤوا إلى حصد المعجبين والمعجبات،ويبقى المناضل الدولتي الأكثر حضورا وظهورا، فتارة يكون إسلاميا، أكثر من الإسلاميين، وفي أخرى يساريا أكبر من اليساريين، وفي ثالثة يبدو لبيراليا أكثر ممن نظروا للبيرالية و نشطوا بها.
أزمة الخطاب العمومي: لكن إزاء هذا الوضع نتساءل ما الخطاب المناسب لهذه الوضعية الملونة والغريبة؟ معلوم أن الخطاب هو أحد آليات المثقفين و الدعاة الجدد، يستسقون مفرداته وجمله وتعبيراته من الكتب والأبحاث والمحاضرات والندوات، ليضرب كل هذا في الصفر، فيصبح الفيديو والصورة هي آليات الفتاكة لهذا الخطاب. المثقف الحقيقي هو الذي يكتب الخطاب بلغة أصيلة وتواصلية، معززا بمخرجات الابحاث والنظريات والدلائل الصلبة. اليوم: اللغة السوقية السجالية هي لسون السياسين والفاعلين في مواقع التواصل الاجتماعي ، هي أسلوب شعبوي لا علاقة له بالفكر ولا بالعلم، خطاب سوقي بما في الكلمةمن معنى.
والجمهور المستهدف: الأقران والمثقفون، الطلبة، السياسيون، المناضلون، الحزبيون. الجمهور اليوم يبحث عن البوز ، كما يعشق الفضائح، جمهور آخر، في العالم الرقمي. فماالعمل؟ كيف نستعيد أدوار المثقف؟ هل النخبة جزء من الحل أم جزء من المشكل؟
أولا: نحتاج نخبة مفكرة لها قدرات على الترافع من أجل المجتمع.
ثانيا: نحتاج نخبة مبدعة خصوصا إذا علمنا أن هناك إتجاه راديكاليا ينحو منحى لمحو النخبة السياسية والمثقفة، بفتح الباب لدعاة جدد هم التيقنوقراط ، أو ما يسميه علماء الاجتناع بإتجاه التنخيب التيقنوقراطي.
ثالثا: نحتاج نخبة تنويرية تحريرية تغييرية كما ذكرنا من قبل ، ولا يتأتى ذلك إلا بتحصين المدرسة، والتمكين للأسرة اقتصاديا وسياسيا، وبرد الإعلام إلى دوره التثقيفي والاخباري لا إلى صناعة الترفيه.