أفادت المندوبية السامية للتخطيط، اليوم الإثنين، بأن معدل الفقر المطلق شهد انخفاضاً عاماً بين سنتي 2014 و2022، حيث تراجع من 4.8% إلى 3.9%. وقد عرف هذا المؤشر تقلبات خلال هذه الفترة، حيث بلغ 1.7% في سنة 2019 قبل أن يعاود الارتفاع قليلاً في السنوات التالية. وعلى مستوى الفضاءات الجغرافية، لوحظ انخفاض معدل الفقر في الوسط القروي من 9.5% سنة 2014 إلى 6.9% سنة 2022، بينما ارتفع بشكل طفيف في الوسط الحضري من 1.6% إلى 2.2%.
وفقًا لأرقام البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر لعامي 2022/2023، بلغ العدد الإجمالي للسكان الذين يعيشون تحت خط الفقر حوالي 1.42 مليون شخص على الصعيد الوطني. ويتركز جزء كبير من هؤلاء في الوسط القروي، حيث يبلغ عدد الفقراء فيه حوالي 906 آلاف شخص، مقابل 512 ألفاً في المناطق الحضرية. وعلى المستوى الجهوي، أظهرت نتائج البحث أن خمس جهات تجاوزت المتوسط الوطني لمعدل الفقر، وهي “فاس-مكناس” (9%)، “كلميم-واد نون” (7.6%)، “بني ملال-خنيفرة” (6.6%)، “درعة-تافيلالت” (4.9%)، وجهة “الشرق” (4.2%).
من جهة أخرى، كشفت المندوبية عن تزايد ظاهرة الهشاشة الاقتصادية التي تعكس مدى تعرض الأسر لخطر الوقوع في الفقر نتيجة الصدمات الاجتماعية أو الاقتصادية. وبين سنتي 2014 و2022، ارتفع معدل الهشاشة من 12.5% إلى 12.9%، بعد أن بلغ 7.3% في سنة 2019. وتشير البيانات إلى استقرار نسبي لمعدل الهشاشة في الوسط القروي عند مستويات مرتفعة نسبياً، حيث بلغ 19.2% سنة 2022، في حين ارتفعت نسبة الهشاشة في الوسط الحضري من 7.9% إلى 9.5%.
وفيما يتعلق بالأرقام المطلقة، بلغ عدد الأشخاص المصنفين ضمن فئة الهشاشة الاقتصادية حوالي 4.75 ملايين شخص سنة 2022. ويشكل سكان المدن حوالي نصف هذا العدد (47.2%)، بزيادة ملحوظة مقارنة بسنة 2014 التي كانت النسبة فيها 36%. مما يشير إلى تحول ملموس في التركيز الجغرافي لهذه الظاهرة، حيث أصبحت أكثر انتشاراً في المناطق الحضرية.
على صعيد الفقر متعدد الأبعاد، الذي يأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل التعليم والصحة والخدمات الأساسية، سجلت المندوبية تراجعاً كبيراً في هذا النوع من الفقر، حيث انخفضت نسبته من 9.1% سنة 2014 إلى 5.7% سنة 2022. وكان هذا الانخفاض أكثر وضوحاً في الوسط القروي، حيث تراجع المعدل من 19.4% إلى 11.2%. أما في الوسط الحضري، فقد انتقلت النسبة من 2.2% إلى 2.6%. وعلى المستوى الجهوي، سجلت أعلى معدلات الفقر متعدد الأبعاد في جهتي “بني ملال-خنيفرة” (11.6%) و”فاس-مكناس” (10.4%).
تؤكد هذه النتائج أهمية تعزيز السياسات الاجتماعية والاقتصادية الرامية إلى تقليص الفوارق بين المناطق الحضرية والقروية وتوفير شبكات الأمان الاجتماعي للأسر الأكثر عرضة للمخاطر. كما تبرز الحاجة إلى التركيز على الجهات ذات معدلات الفقر المرتفعة لتوفير خدمات أساسية وتحسين مستوى المعيشة.