في خطوة تشريعية نوعية، قدمت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، يوم الأربعاء 18 يونيو 2025، مقترح قانون يهدف إلى حظر التدخين بجميع أنواعه، بما في ذلك السجائر التقليدية والإلكترونية والشيشة، في الأماكن العمومية بالمغرب. ويهدف هذا المقترح إلى تقوية الإطار القانوني الحالي، الذي تعود آخر مراجعة له إلى قانون 15-91 لسنة 1991، والذي يعتبر محدود الأثر بسبب ضعف الغرامات وعدم مواكبته للتطورات الحديثة في أنماط التدخين.
وأوضح النائب البرلماني مصطفى إبراهيمي، أن المبادرة تستند إلى تجارب تشريعية سابقة، بما فيها مشروع قانون تقدم به حزب الاستقلال سنة 2008، وتهدف إلى توسيع مفهوم التدخين ليشمل المنتجات الجديدة المنتشرة مثل السجائر الإلكترونية. كما دعا إلى مصادقة المغرب على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، التي وقعها منذ 2004 دون تفعيلها، في ظل استمرار المغرب ضمن قائمة ضيقة من الدول غير الموقعة بشكل نهائي.
وسلط إبراهيمي الضوء على أرقام مقلقة حول استهلاك التبغ في المغرب، حيث يتعرض حوالي 9 ملايين شخص للتدخين المباشر أو غير المباشر، ويبلغ عدد السجائر المستهلكة سنوياً 18 مليار وحدة، منها 15 مليار يتم تسويقها رسمياً. هذه الأرقام تعكس العبء الصحي والاقتصادي المتزايد، حيث تكلف الأمراض المرتبطة بالتدخين الدولة نحو 5 مليارات درهم سنوياً، من أصل 31 مليار درهم من نفقات القطاع الصحي، وفق معطيات الحساب الوطني للصحة لعام 2024.
الأثر الاجتماعي للتدخين لم يغِب عن المقترح، إذ كشف إبراهيمي أن 6% من المؤمنين المرضى يستهلكون نصف ميزانية العلاج الخاصة بصندوق الضمان الاجتماعي نتيجة لأمراض لها علاقة مباشرة بالتدخين، كالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والهضمي. كما حذر من تنامي ظاهرة التدخين وسط الأطفال والمراهقين، مشيراً إلى أرقام صادمة: نحو 23.4% من الأطفال بين 13 و14 عاماً يدخنون السجائر الإلكترونية، إضافة إلى نسب مقلقة في الفئات العمرية الأصغر.
واختُتمت المداخلة بدعوة حازمة إلى ضرورة تفعيل القوانين الحالية بصرامة ومراجعتها لمواكبة التطورات، خاصة في ظل ما وصفه بـ”الفوضى” في بيع التبغ والمنتجات المماثلة في الفضاءات العامة، وانتشار الإشهار غير المشروع لهذه المنتجات. المقترح الجديد يسعى إلى حماية الفئات الهشة، خاصة الأطفال والشباب، من الآثار الكارثية لهذه الظاهرة المتفاقمة، في انتظار تفاعل الحكومة والبرلمان مع هذا الملف الحيوي.