في خطوة تُعيد تشكيل مستقبل تكنولوجيا الدفاع، تعمل ألمانيا على تطوير مشروع رائد يدمج الذكاء الاصطناعي بالكائنات الحية، عبر تحويل الصراصير إلى أدوات ذكية للتجسس والاستطلاع. المشروع المعروف باسم “الصراصير السيبرانية”، يشكل نقطة تحول في استراتيجيات الدفاع الحديثة، حيث تستهدف ألمانيا من خلاله تحقيق قدرات متقدمة في الرصد وجمع المعلومات داخل ساحات القتال والمناطق ذات الوصول المحدود.
تعتمد التقنية الجديدة على تزويد الصراصير الحية بكاميرات دقيقة وأجهزة استشعار متطورة، مرتبطة بأنظمة اتصال آمنة يتم التحكم بها عن بُعد. وقد جرى تصميم هذه “البيولوجيا المعدّلة” لتؤدي مهام دقيقة تشمل استطلاع المناطق المغلقة، والتقاط صور ومقاطع فيديو، واستشعار التغيرات البيئية، ما يمنح الجيوش والمخابرات أداة منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة.
ويأتي هذا المشروع ضمن سياسة الدفاع الألمانية الجديدة التي تسعى إلى تعزيز قدرات البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي الدفاعي. وقد خصصت الحكومة الألمانية حصة من ميزانية الدفاع المقدرة بـ162 مليار يورو سنويًا حتى عام 2029 لتمويل الابتكار في المجال العسكري، عبر دعم شركات ناشئة متخصصة في الروبوتات والذكاء الاصطناعي.
ويعتمد النظام الجديد على تحفيز الصراصير كهربائيًا لتوجيه حركتها، بعد زرع شريحة إلكترونية صغيرة على ظهرها. وتُبرمج هذه الحشرات لتتحرك ضمن مجموعات (“أسراب سيبرانية”)، ما يتيح استخدامها في مهام معقدة تتطلب مرونة وقدرة على التغلغل في أماكن يصعب الوصول إليها.
ويُثير المشروع أسئلة أخلاقية وقانونية، خاصة فيما يتعلق باستخدام كائنات حية في تطبيقات عسكرية. ومع أن القانون الألماني لا يمنح الحماية القانونية للحشرات، إلا أن الجدل يتركّز حول احتمالات توسّع هذه التقنية مستقبلًا إلى استخدامات أمنية خارج ساحات الحرب، مثل المراقبة المدنية.
ورغم هذه المخاوف، يرى مطورو المشروع أن “الصراصير السيبرانية” قد تشكل مستقبلًا واعدًا ليس فقط في المجالات العسكرية، بل أيضًا في خدمات الطوارئ والإنقاذ، حيث يمكن استخدامها للبحث عن ناجين تحت الأنقاض أو رصد تسربات كيميائية دون تعريض حياة البشر للخطر.
