تواجه ألمانيا في السنوات الأخيرة أزمة متصاعدة على مستوى سوق العمل، حيث يقدّر الخبراء أن البلاد تفقد ما يقارب 400 ألف عامل مؤهل سنوياً نتيجة التحولات الديمغرافية وارتفاع عدد المتقاعدين مقابل ضعف إدماج قوى عاملة جديدة. وفي هذا السياق، أضحت الكفاءات الأجنبية خياراً استراتيجياً أمام الشركات الألمانية، التي باتت ترى في المغرب أحد أبرز مصادر تزويدها بالمهارات التقنية المؤهلة.
ويعود اختيار المغرب إلى عدة عوامل متكاملة، أبرزها تقارب منظومة التكوين الأكاديمي والمهني مع المعايير الأوروبية، فضلاً عن تميز الشباب المغربي بكفاءات تقنية عالية وقدرة على التكيف مع بيئة العمل الألمانية. هذه المؤهلات جعلت العديد من الشركات تنسق بشكل مباشر مع مؤسسات التوظيف الألمانية والمغربية لتسهيل استقطاب الكفاءات.
وفي هذا السياق، أكد كريستوف هيسه، عضو مجلس إدارة شركة Energy Supply Mittelrhein، أن “سوق العمل في ألمانيا يشهد تحولات هيكلية عميقة، ما يجعل الاستقطاب الموجه للكوادر الأجنبية خياراً ضرورياً لمواجهة النقص الحاد في اليد العاملة المؤهلة”، مضيفاً أن شركته نجحت في جلب متخصصين من الخارج، خصوصاً من المغرب والهند، بفضل التعاون مع وكالة التوظيف الفيدرالية الألمانية ووكالات متخصصة في هذا المجال.
وأشار هيسه إلى أن هذه الوكالات لا تقتصر أدوارها على اختيار المرشحين المناسبين فحسب، بل تواكبهم أيضاً في مختلف الإجراءات المرتبطة بالتأشيرات والاندماج الاجتماعي، بما في ذلك البحث عن سكن وإنجاز المعاملات الرسمية، مما يسهل عملية الاستقرار والاندماج السلس للعمالة الجديدة.
ويُنظر إلى المغرب اليوم كشريك استراتيجي في تلبية الحاجيات الألمانية من الكفاءات التقنية، في وقت يعزز فيه الشباب المغربي حضوره داخل أسواق العمل الأوروبية، بفضل ما يتمتع به من خبرات علمية وتكوينية قادرة على سد فجوة حقيقية تشهدها البنية الاقتصادية الألمانية.