محمد كندولة
أكدت الدراسات الاجتماعية والانتروبولوجية الحديثة، أن العالم اليوم يتغير باستمرار، وأن التحولات تسير في إتجاه متسارع بسبب تغير الأدوار لدى المثقفين والعلماء والدعاة، منذ سقوط جدار برلين، حيث اجتاز العالم الحروب المتعددة، والجائحات والأمراض المتنوعة كالايدز وكورونا، كما صاحب ذلك الاستعمال المفرط للتكنولوجيا ، الشيء الذي زاد من نسبة المخاطر المهددة لحياة الناس، فأصبح الأمن مهددا، والخطر سائلا،زد على ذلك التفكك الأسري ،فكل السرديات التي كانت تبدو متماسكة، وحتى المؤسسات الصغرى والكبرى، أصبحت لا يربطها رابط، الشيء الذي زاد من نسبة الصراعات حول السلطة، والتنافس حول الثروة، والسباق في إتجاه تملك التقنيات كآليات الضبط والإنجاز، والاختراق والاحراق.
دور الدعاة الجدد والمثقفين العضويين: فالدعاة الجدد والمثقفون العضويون وإزاء هذا الوضع، قد يكونون جزءا من الحل، وقد يكونون جزءا من المشكل، ما لم يتوفروا على الشروط الموضوعية الصالحة لمثل هذا الزمان الرقمي، كالاستحقاق العلمي، والكفاءة التواصلية، فلا تنفع الوراثة ولا النبالة ولا الشرف، مع الهجانة واختلاط الأصول، خصوصا وقد ظهرت النخبة الرقمية التي لا تعتمد على العلم لا على الوراثة العلمية بل تعتمد على الأصل الرقمي المبني على عدد المعجبين والمتتبعين، فما الدور المنتظرللدعاة الجدد والمثقفين العضويين في هذا السياق الرقمي؟ الأدوار المطلوبة ثلاثة:
1) الدور التنويري: وذلك بالرفع من مستوى قيمة العقل والنظر والنقد الذاتي والجماعي، مع محاربة الجهل والتهميش، بتزكية مقام الناس والتحسيس بمسؤولية الاستخلاف بإنشاء العمرانين المادي الدنيوي والمعنوي الروحي.
2) الدور التحريري: بإشاعة ثقافة الاستقلال والحرية وتحسيس الفرد بمهمة الإسهام في البناء الذاتي و الجماعي .
3) الدور التغييري: والبدء يكون فيه بالواقع ثم بالمواقف والتمثلات والقناعات ثم بتغيير الآليات والأدوات التواصلية ومنها الخطابات. لكن بأية كيفية؟
كيفيات أداء الأدوار: بالتفكير واستعمال العقل أولا، وبالتحرير بإنتاج رؤية جديدة ومقاربات لحل المشكلات ثانيا، وكذلك بالآبداع في إيجاد الحلول والوصفات ، وببث روح جمالية في السياسة والاقتصاد والشعر والفن عموما، وأهم من ذلك بالحضور الراسخ في الواقع، في الشارع، في المؤسسات الإجتماعية والاقتصادية والسياسية، إما بشكل فردي أو جماعي في إطار حزب أو جمعية أو مؤسسة، والعمل الجماعي أحسن من الفردي.