صادق المجلس الحكومي، خلال اجتماعه المنعقد صباح الخميس 4 شتنبر 2025 برئاسة عزيز أخنوش، على مشروع القانون رقم 70.24 القاضي بتغيير وتتميم ظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن حوادث السير، في خطوة اعتُبرت محطة بارزة نحو تحسين وضعية الضحايا وذوي حقوقهم.
وأكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن النص الجديد يأتي استجابة لحاجة ملحّة لإعادة النظر في منظومة التعويضات التي ظلت جامدة لعقود، حيث يقترح حزمة من المقتضيات الرامية إلى رفع قيمة التعويضات وضبط معايير احتسابها بما ينسجم مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن أبرز المستجدات التي جاء بها المشروع، استثناء مصاريف الجنازة والتعويض المعنوي عن الألم من قاعدة تشطير المسؤولية، وإقرار مبدأ حرية الإثبات في ما يتعلق بالأجر أو الكسب المهني للمتضرر، ما يسمح للفئات الهشة وغير المهيكلة بالاستفادة وفق دخلها الفعلي وليس فقط على أساس الحد الأدنى للأجر. كما أقر النص آلية مرنة لمراجعة الحدود الدنيا والعليا للأجر المعتمد في التعويض، مع فرض مراجعة إلزامية كل خمس سنوات.
ويرتقب أن يؤدي رفع الحد الأدنى للأجر المعتمد من 9270 درهما إلى 14270 درهما على خمس مراحل متتالية إلى زيادة ملموسة في قيمة التعويضات، حيث تشير التقديرات إلى ارتفاع متوسط التعويض بحوالي 19.500 درهم، أي بنسبة قد تصل إلى 33,7 في المائة في المرحلة النهائية. ولتوضيح الأثر، فإن ضحية في سن 24 سنة دون دخل محدد ستُرفع قيمة تعويضه في حالة عجز بدني بنسبة 20 في المائة من 41.030 درهما إلى نحو 61.001 درهم.
كما وسّع المشروع دائرة المستفيدين لتشمل الأبناء المكفولين والزوج العاجز عن الإنفاق، والطلبة والمتدربين والأشخاص الذين أنهوا دراستهم ولم يحصلوا بعد على عمل، فضلا عن إدراج تكاليف جديدة قابلة للاسترجاع مثل إصلاح الأجهزة الطبية أو استبدالها، وتكاليف التحاليل الطبية المرتبطة بالإصابة.
وحسب معطيات وزارة العدل، فإن المغرب سجّل سنة 2024 ما يفوق 655 ألف حادثة سير، بينها أكثر من 143 ألف حادثة جسمانية خلفت 4024 وفاة، فيما بلغت التعويضات المؤداة من طرف مقاولات التأمين حوالي 7,9 مليار درهم. ويأمل واضعو النص أن تسهم المقتضيات الجديدة في جعل التعويضات أكثر عدالة وواقعية.
كما شدد الوزير على أهمية تعزيز ثقافة التسوية الودية للنزاعات، مع الإبقاء على إجبارية الصلح وإعادة تنظيم مسطرته، وإقرار مسطرة خاصة للخبرة الطبية المشتركة لتفادي النزاعات القضائية الطويلة.
ويُرتقب أن يُحدث هذا الإصلاح تحوّلا نوعيا في نظام التعويضات بالمغرب، بما يضمن إنصاف الضحايا وتخفيف معاناتهم، ويعكس في الآن ذاته إرادة الدولة في تحديث الترسانة القانونية بما يتلاءم مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.