بينما كانت الجزائر تحتفي بتنظيم النسخة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، ما وصفه إعلام النظام بـ«أكبر حدث اقتصادي»، صدمت البلاد حادثة هجرة أطفال صغار إلى جزيرة إيبيزا، لتفضح الفجوة السحيقة بين الادعاءات وبين الواقع المعيش.
في واقعة غير مسبوقة، وصل سبعة قاصرين جزائريين، تتراوح أعمارهم بين 14 و17 سنة، إلى سواحل إيبيزا بعد سرقتهم قارباً صغيراً من ميناء تامنفوست قرب العاصمة، وخوضهم رحلة خطيرة عبر البحر الأبيض المتوسط. وقد وثق هؤلاء الرحلة بأنفسهم، حيث ظهروا في فيديوهات يعيشون لحظات الفرح بنجاحهم العبور، قبل أن تستقبلهم السلطات الإسبانية وتخضعهم للإجراءات الطبية والقانونية .
هذه الحادثة ليست استثناءً، بل جزء من مشهد أوسع للهجرة السرية المستفحلة نحو أوروبا عبر السواحل الجزائرية. ففي عام 2024، سجلت جزر البليار – من بينها إيبيزا – حوالي 6000 مهاجر وصلوا عبر البحر، حسب ما أورد ReliefWeb . ومن جهة أخرى، أعلنت جزر البليار أن أغلب هؤلاء المهاجرين يأتون عبر الجزائر، في مسار بات يُعتبر الأكثر خطورةً بعد طريق الكناري، حيث توفي المئات خلال الرحلة .
إن خطوة قاصر فقط للانضمام إلى أوروبا بحراً، رغم هشاشة وسائل السفر ورأسماله المحدود، لا تفسرها شجاعة أو مغامرة؛ بل تعبّر عن معاناة اجتماعية واقتصادية مستدامة. فتحت وطأة الفقر والبطالة وانغلاق الآفاق، يجد الأطفال أنفسهم مُجبَرين على المجازفة بأرواحهم هرباً من واقع يعيشون فيه بلا أفق.
هذه الحالة الصادمة تدفع إلى إعادة النظر في خطاب التنمية التي يروج لها النظام، وتضع تساؤلات حول جدواها واقعيّتها، بينما يغيب الدور الفعلي للدولة في بناء مستقبل يستقطب شبابه لا يدفعهم للهجرة.
