الطاقة و البيئة

البحرين تلتحق بالركب النووي الخليجي: اتفاق استراتيجي مع واشنطن يفتح آفاق الطاقة النظيفة

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/mx16

في خطوة تمثل تحوّلاً استراتيجياً في مشهد الطاقة الخليجي، وقّعت البحرين اتفاقية تعاون نووي سلمي مع الولايات المتحدة في 15 يوليوز 2025، لتصبح ثالث دولة خليجية تدخل رسمياً نادي الطاقة النووية بعد الإمارات والسعودية.

الاتفاق الذي وصف بـ”المحوري” يهدف إلى تطوير بنية تحتية نووية متقدمة تشمل نقل التكنولوجيا، وتأهيل الكفاءات الوطنية، ووضع الأطر التشريعية والتنظيمية وفق أعلى معايير السلامة الدولية، بما يتماشى مع الجهود الإقليمية للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

تحولات استراتيجية في دول الخليج
تأتي هذه الخطوة في سياق سباق خليجي متسارع نحو تنويع مصادر الطاقة. فالإمارات أطلقت محطة “براكة” كأول منشأة نووية تشغيلية في العالم العربي، باستثمارات بلغت 24.4 مليار دولار، بينما تمضي السعودية قدماً في تنفيذ برنامج نووي مدني ضخم تبلغ استثماراته المتوقعة أكثر من 80 مليار دولار، ضمن رؤية المملكة 2030.

وباتت الاستثمارات الخليجية في الطاقة النووية تُقدّر بعشرات المليارات من الدولارات، بهدف تعزيز أمن الإمدادات على المدى الطويل، وتوفير قاعدة بحثية وتقنية تضع الخليج في قلب خارطة الابتكار النووي إقليمياً ودولياً.

البحرين تدخل المعادلة
انضمام البحرين لهذا المسار يأتي مدفوعاً بعدة عوامل جيوسياسية واقتصادية وبيئية، أبرزها الحاجة إلى تأمين الطاقة، وتنويع الاقتصاد، وتعزيز مرونة منظومة الإمدادات في مواجهة التقلبات العالمية.

ويتجاوز الاتفاق البحريني–الأمريكي البُعد التقني، ليحمل أبعاداً استراتيجية تتقاطع مع الأمن الطاقي الخليجي، مستفيدة من دروس التجارب الإقليمية، وعلى رأسها الملف الإيراني.

تحديات بناء القدرات
رغم الآفاق الواعدة، تواجه المشاريع النووية الخليجية تحديات كبيرة تتعلق بتأهيل الموارد البشرية. فالطاقة النووية تتطلب خبرات علمية عالية وبرامج تدريب طويلة الأمد، فضلاً عن استقطاب الكفاءات العالمية المتخصصة.

ولهذا الغرض، بدأت بعض الدول الخليجية بإدراج تخصصات الطاقة النووية والمتجددة ضمن برامج الابتعاث الخارجي، إلى جانب تعزيز الشراكات مع مراكز البحث والتطوير العالمية.

بين الطاقة النووية والمتجددة
وتُشكّل الطاقة النووية في المنظومة الخليجية مكملًا حيويًا لمصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، التي تعاني من تقطّع في الإمداد. فالنووي يوفر استقراراً في الإنتاج، ويُعد منخفض الانبعاثات الكربونية، ما يعزز التوازن بين الأهداف البيئية وأمن الطاقة.

ورغم تصاعد وتيرة مشاريع الطاقة المتجددة في الخليج، فإنها لم تصل بعد إلى مستوى تعويض الدور المحوري للنفط في اقتصادات المنطقة، لكنها تمثل مسارًا تدريجيًا لتنويع الدخل، خصوصًا إذا اقترنت بتقنيات ناشئة مثل الهيدروجين الأخضر.

استثمار سيادي برؤية جديدة
التحول في سياسات الاستثمار السيادي لدى دول الخليج يعكس تغيرًا في العقيدة الاقتصادية، حيث لم تعد صناديق الثروة تستثمر فقط في الأصول التقليدية، بل باتت تضخ مليارات الدولارات في مشاريع الطاقة النظيفة، وتدعم البحث العلمي وتطوير شبكات الطاقة الذكية وتقنيات التخزين.

وبات الربح الاقتصادي يُقترن بالأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى، مثل ضمان أمن الطاقة، وتقليص الانبعاثات، وتعزيز صمود الاقتصاد أمام التحولات العالمية.

نحو مستقبل طاقي متوازن
تتجه دول الخليج، اليوم، نحو نموذج طاقي متنوع يستند إلى مزيج من المصادر التقليدية والمتجددة والنووية. هذا التوجه لا يهدف فقط إلى تحقيق أمن الطاقة، بل إلى تمكين المنطقة من لعب دور قيادي في الاقتصاد العالمي منخفض الكربون، وبناء منظومة طاقة أكثر استدامة واستقلالاً.

ومع دخول البحرين هذا المسار، تتعزز مكانة الخليج كمركز ناشئ لحلول الطاقة المتقدمة، في وقت تتصاعد فيه التحديات المناخية والضغوطات البيئية على مستوى العالم.

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/mx16

Kaza Aziz

About Author

صحفي مهني مستشار تربوي باحث في سوسيولوجيا التنمية المحلية وسيط اجتماعي مكون في تقنيات التدبير والتسيير المقاولاتي

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.