شهدت العاصمة المغربية الرباط اليوم الجمعة حدثاً دبلوماسياً لافتاً تمثل في افتتاح سفارة جمهورية الإكوادور، بحضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيرته الإكوادورية غابرييلا سومرفيلد. ويأتي هذا الافتتاح تتويجاً لقرار كيتو في أكتوبر 2024 بقطع علاقاتها مع ما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”، في خطوة وصفت بالتاريخية تؤكد موقف الإكوادور الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية. ويعد الحدث دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين، ومرحلة جديدة في بناء شراكة جنوب-جنوب أكثر متانة وفعالية.
وفي كلمته خلال الافتتاح، أبرز ناصر بوريطة أن المغرب يحتضن 165 بعثة دبلوماسية، من بينها 14 سفارة من أمريكا اللاتينية، ما يعكس الدور المحوري للرباط كمركز استراتيجي للتواصل بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية. ولفت إلى أن هذه المكانة نابعة من موقع المغرب الجغرافي، وثقافته المتعددة، واستقراره السياسي، مما يجعله جسراً دبلوماسياً واقتصادياً حيوياً بين الجنوب العالمي. هذه الدينامية الدبلوماسية تعزز طموحات المغرب للعب دور ريادي في إعادة رسم خارطة التعاون جنوب-جنوب.
كما أكد الوزيران أن افتتاح السفارة يمثل أكثر من مجرد خطوة دبلوماسية، بل يؤسس لشراكة حقيقية تقوم على مبدأ “رابح – رابح”. وقال بوريطة إن التعاون المرتقب سيشمل مجالات عدة، منها التعليم، والتكنولوجيا، والفلاحة، والطاقة المتجددة. ومن جانبها، أعربت سومرفيلد عن رغبة بلادها في توسيع نطاق التعاون مع المغرب، معتبرة أن الرباط تمثل بوابة استراتيجية للأسواق الإفريقية. كما أكدت أن السفارة ستكون بمثابة منصة لتعميق العلاقات بين البلدين وتبادل الخبرات في القطاعات ذات الأولوية.
وأعادت وزيرة الخارجية الإكوادورية خلال لقائها مع بوريطة التأكيد على موقف بلادها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب عام 2007، واصفة إياها بالأساس الواقعي والجاد لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء. ويشكل هذا الموقف امتداداً لدعم متزايد تحظى به المبادرة المغربية في أمريكا اللاتينية، حيث قامت عدة دول بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية، في انسجام مع مقترح الرباط الذي يحظى بقبول دولي متنامٍ، لا سيما في أوساط الدول ذات التوجه الواقعي في السياسة الخارجية.
ويُتوقع أن ينعكس هذا التقارب الدبلوماسي إيجاباً على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، حيث يتوفر المغرب والإكوادور على إمكانات تكامل واعدة في ميادين الفلاحة، والصيد البحري، والطاقات المتجددة. ويأتي هذا في سياق اهتمام متزايد من الدول اللاتينية بتعزيز حضورها في إفريقيا، خاصة من خلال بوابة المغرب. كما قد يفتح هذا التطور الباب أمام تنسيق أكبر في المنتديات الدولية، ودعم مشترك للقضايا ذات الاهتمام المشترك، من الأمن الغذائي إلى التغيرات المناخية، في ظل تقارب في الرؤى السياسية والاقتصادية بين الرباط وكيتو.