السلطات الجزائرية تضيف إلى سجلها حادثة اعتقال جديدة تتعلق بحرية التعبير، حيث تم توقيف مواطن بعد نشره معلومات حول وجود مواد مسرطنة في بعض أنواع التمور الجزائرية مثل “دقلة النور”. وقد أثارت هذه الخطوة استياء واسعاً داخل البلاد وخارجها، خاصة وأن الرجل لم يكن سوى يقدم تحذيراً صحياً يتعلق بسلامة المنتجات الغذائية. الحادثة تعكس مرة أخرى سياسة النظام الجزائري في استهداف الأصوات التي تحاول كشف الحقائق أو تسليط الضوء على المشاكل.
في يوم 20 فبراير 2025، قامت قوات الدرك الوطني في الجزائر العاصمة باعتقال المواطن البالغ من العمر 38 عاماً، بعد نشره مقطع فيديو على منصة “تيك توك” يتضمن تحذيراً بشأن مخاطر التمور نتيجة استخدام مياه الصرف الصحي والمواد الكيميائية الضارة أثناء الزراعة. وعلى الرغم من تقديم التحذير بشكل علمي ومدعوم بالمصادر، إلا أن السلطات اعتبرته “إشاعات مغرضة” تمس بالنظام العام. هذا القرار جاء ضمن سياق أوسع من السياسات القمعية التي تتبعها الحكومة ضد أي محاولات لكشف الفساد أو إبراز المشاكل.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ شهدت الجزائر خلال السنوات الأخيرة سلسلة اعتقالات طالت صحفيين ومواطنين بسبب نشرهم لمعلومات حساسة أو انتقادهم للسلطات. على سبيل المثال، تم اعتقال الصحفي بلقاسم حوام في عام 2022 بعد نشره مقالاً عن رفض شحنة من التمور الجزائرية في الأسواق الدولية بسبب احتوائها على مواد سامة. هذه الحالات تشير إلى تصاعد وتيرة القمع ضد حرية الصحافة والتعبير، مما يثير قلقاً متزايداً بشأن مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد.
بدلاً من معالجة المشكلات الحقيقية مثل التلوث في القطاع الزراعي، اختارت السلطات الجزائرية مواصلة سياسة القمع والتشهير بالمواطنين الذين يسعون لنشر الوعي. هذه الاستراتيجية تهدف إلى إخفاء الحقائق بدلاً من مواجهة التحديات الماثلة أمام البلاد. ومع تزايد المخاوف الدولية بشأن سلامة التمور الجزائرية، يُظهر النظام عجزه عن التعامل مع الأزمات عبر الحوار والشفافية، مما يؤدي إلى تدهور صورة الجزائر على المستوى العالمي.
بينما تستمر السلطات في تقليص هامش حرية التعبير، تبرز تساؤلات حول مستقبل الجزائر وحقوق مواطنيها. يبدو أن النظام لا يزال مصرّاً على اعتبار القمع أداة لحل الأزمات، بينما الواقع يثبت أن هذا النهج يعمق الهوة بين الشعب والنظام. إن اللجوء إلى الاعتقالات والملاحقات لن يخفي الحقيقة، بل سيزيد من تسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة، ما يضع ضغوطاً دولية وداخلية متزايدة على الحكومة لإعادة النظر في سياساتها.