في العاشر من غشت 2025، ارتقى الصحفي الفلسطيني أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة في غزة، شهيدًا مع عدد من زملائه أثناء تغطيتهم للأحداث قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة، بعد قصف مباشر استهدف خيمة الصحفيين. وقد استشهد إلى جانبه المراسل محمد قريقع والمصورون إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة، في حادثة هزّت الوسط الإعلامي وأثارت موجة واسعة من التنديد محليًا ودوليًا.
وُلد أنس الشريف عام 1996 في مخيم جباليا بقطاع غزة، وتخرج من جامعة الأقصى حيث درس الإعلام. بدأ مسيرته المهنية متطوعًا قبل أن يصبح أحد أبرز الوجوه الصحفية في قناة الجزيرة، واشتهر بشجاعته وإصراره على البقاء في شمال القطاع رغم التهديدات المباشرة التي تعرض لها، حتى بعد فقدان والده في قصف استهدف منزل العائلة.
عرف عن أنس التزامه العميق بنقل الحقيقة، حيث ظل يواكب بالصوت والصورة معاناة أهالي غزة تحت القصف والحصار، متمسكًا برسالته الإعلامية حتى اللحظة الأخيرة من حياته. لقد كان حضوره في الميدان رمزًا للتضحية والمهنية في بيئة شديدة الخطورة.
أثارت حادثة استشهاد أنس ورفاقه موجة غضب من مؤسسات إعلامية وحقوقية حول العالم. واعتبرت منظمات دولية، مثل “مراسلون بلا حدود” واللجنة الدولية لحماية الصحفيين، أن استهداف الإعلاميين يمثل جريمة حرب تستوجب التحقيق والمحاسبة. وعلى الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن الهجوم مدعيًا أن الشريف ينتمي إلى خلية مسلحة، رفض زملاؤه ومنظمات حقوقية هذه الرواية وعدّوها محاولة لتبرير استهداف الصحفيين.
برحيل أنس الشريف ورفاقه، فقدت غزة أصوات ًا حرة وثابتة كانت نافذة حقيقية على الواقع المرير. سيظل غيابهم جرحًا عميقًا في ذاكرة الصحافة الحرة التي تدفع ثمن الحقيقة في أكثر بقاع العالم خطورة.