تشهد إسبانيا في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في أعداد القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم، حيث كشف المرصد الدائم للهجرة (OPI) التابع لوزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية عن قفزة بنسبة 140 في المائة خلال أربع سنوات فقط، إذ ارتفع عدد هؤلاء القاصرين من 7 آلاف و878 في يونيو 2021 إلى 18 ألفا و967 في مارس 2025.
ويتصدر القاصرين المغاربة هذه الفئة، حيث يمثلون نحو 60 في المائة من الإجمالي، بما يعادل 11 ألفا و225 طفلا وشابا، يليهم القادمون من غامبيا بنسبة 12 في المائة، والجزائر بنسبة 9 في المائة، والسنغال بنسبة 6 في المائة. ومن حيث الجنس، يشكل الذكور 94 في المائة من القاصرين، مقابل 6 في المائة فقط من الإناث.
وترتبط هذه الزيادة جزئيا بالإصلاحات التي شهدها قانون الهجرة الإسباني، خصوصا التعديل الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر 2021، والذي يضمن استمرار صلاحية تصاريح إقامة القاصرين غير المصحوبين عند بلوغهم سن الثامنة عشرة. ورغم أن الحكومة الإسبانية أكدت حينها أن هذا الإجراء لن يكون عاملاً جذاباً، إلا أن الإحصاءات أظهرت ارتفاعاً كبيراً في المسجلين بالسجل المركزي للأجانب، حيث ارتفع عدد القاصرين والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و23 عاما تحت الرعاية من 5 آلاف و718 في نهاية 2021 إلى 15 ألفا و971 في نهاية 2023، بزيادة قدرها 179 في المائة.
ومع التعديل الأخير لقانون الهجرة في مايو 2025، خُففت القيود البيروقراطية أمام حصول هؤلاء الشباب على تصاريح عمل، بهدف تعزيز إدماجهم المهني. ومع ذلك، تكشف الأرقام عن تحديات كبيرة، إذ إن 43 في المائة من القاصرين والشباب المنحدرين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الحاصلين على تصاريح عمل (8 آلاف و204 أشخاص) لا يعملون ولا يدفعون اشتراكات الضمان الاجتماعي. وتزداد هذه الفجوة بين القاصرين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما، حيث لم يُسجل في الضمان الاجتماعي سوى 299 من أصل 2,996 حاصلين على تصريح عمل، أي بنسبة 10 في المائة فقط.
تُظهر هذه الأرقام مدى تعقيد ظاهرة هجرة القاصرين المغاربة إلى إسبانيا، والتي تتداخل فيها عوامل اجتماعية واقتصادية وقانونية، ما يجعل التعامل معها تحديًا مستمرًا، ويتطلب استراتيجيات شاملة تتجاوز الإجراءات الإدارية لتشمل خططًا عملية للإدماج وضمان فرص العيش الكريم لهؤلاء الشباب.