عاد الجدل في الشارع المغربي حول ملف الهجرة والمهاجرين غير النظاميين إلى الواجهة، بعد تداول مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مواطنين مغاربة يشتكون من “الرعب” الذي يعيشه سكان بعض الأحياء، في إشارة مباشرة إلى سلوكيات بعض المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
المقاطع، التي التُقطت في أحياء شعبية متفرقة، أظهرت مغاربة يعبرون عن استيائهم مما وصفوه بـ”تصرفات خطيرة” مثل العنف أو التحرش أو احتلال الفضاءات العامة، ما خلق شعورًا متزايدًا بعدم الأمان، خاصة لدى الأسر والأطفال والنساء. هذا النقاش الميداني سرعان ما تطور إلى جدل على المنصات الرقمية، بين من يرى أن “الأمر خرج عن السيطرة” وبين من يحذر من الوقوع في فخ العنصرية والتعميم.
ويأتي هذا السجال في سياق إقليمي ودولي يشهد تنامي ظاهرة الهجرة غير النظامية، وتحديات اندماج المهاجرين داخل المجتمعات المستقبلة، خاصة حين تغيب آليات الإدماج الحقيقية أو تتراكم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في الأحياء الهشة.
من جهة أخرى، يؤكد نشطاء في مجال حقوق الإنسان أن التعميم على فئة بأكملها بسبب تصرفات أفراد معزولين يُعد انتهاكًا لمبادئ الكرامة الإنسانية، محذرين من خطورة تغذية خطاب الكراهية أو الربط التلقائي بين الهجرة والإجرام، وهو ما قد يؤدي إلى تفكك نسيج التعايش داخل المجتمع.
في المقابل، يرى آخرون أن على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها من خلال ضبط تدفق المهاجرين غير النظاميين، ومراقبة الوضعية القانونية للمقيمين، وتوفير الأمن في المناطق التي تشهد احتكاكات دائمة بين السكان والمهاجرين.
ويعيد هذا الجدل تسليط الضوء على السياسات العمومية في مجال الهجرة، بين ضرورة احترام حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، من جهة، وضرورة الحفاظ على الأمن العام والنظام داخل المدن المغربية من جهة أخرى.
ويبقى التحدي الأبرز هو كيف يمكن التوفيق بين مقاربة إنسانية للهجرة، ومقاربة أمنية عادلة تحمي كرامة الجميع دون تمييز أو تمييع، في مجتمع يطمح إلى أن يكون نموذجًا في التعايش والتعدد الثقافي.
